responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 373
والغالب أن الضعيف هو الذي يبحث عن حليف يحالفه؛ ليقوي بهذا التحالف نفسه، ويعز به مكانه. قال البكري: "فلما رأت القبائل ما وقع بينها من الاختلاف والفرقة، وتنافس الناس في الماء والكلأ، والتماسهم المعاش في المتسع، وغلبة بعضهم بعضًا على البلاد والمعاش، واستضعاف القوي للضعيف -انضم الذليل منهم إلى العزيز, وحالف القليل منهم الكثير، وتباين القوم في ديارهم ومحالِّهم، وانتشر كل قوم فيما يليهم"[1].
لقد دفعت الضرورات قبائل جزيرة العرب إلى تكوين الأحلاف؛ للمحافظة على الأمن وللدفاع عن مصالحها المشتركة كما تفعل الدول. وإذا دام الحلف أمدًا, وبقيت هذه الرابطة التي جمعت شمل تلك القبائل متينة، فإن هذه الرابطة تنتهي إلى نسب يشعر معه أفراد الحلف أنهم من أسرة واحدة, تسلسلت من جد واحد. وقد يحدث ما يفسد هذه الرابطة، أو ما يدعو إلى انفصال بعض قبائل الحلف، فتنضم القبائل المنفصلة إلى أحلاف أخرى، وهكذا نجد في الجزيرة أحلافًا تتكون، وأحلافا قديمة تنحل أو تضعف[2].
لم يكن في مقدور القبائل أو العشائر الصغيرة المحافظة على نفسها من غير حليف قوي يشد أزرها إذا هاجمتها قبيلة أخرى، أو أرادت الأخذ بالثأر منها. لقد كانت معظم القبائل داخلة في هذه الأحلاف، إلا عددًا قليلًا من القبائل القوية الكثيرة العدد، وكانت تتفاخر بنفسها؛ لأنها لا تعتمد على حليف يدافع عنها، بل كانت تأخذ بثأرها وتنال حقها بالسيف. ويشترك المتحالفون في الغالب في المواطن، وقد تنزل القبائل على حلفائها، وتكون الهيمنة بالطبع في هذه للقبائل الكبيرة[3].
وقد عرفت مثل هذه الأحلاف عند سائر الشعوب السامية كالعبرانيين مثلًا، وطالما انتهت تلك الأحلاف كما انتهت عند العرب إلى نسب، فيشعر المتحالفون أنهم من أسرة واحدة يجمع بينهم نسب واحد[4]. ويقال للحلف "تكلع"

[1] معجم ما استعجم "1/ 53".
[2] Goldziher, Muh. Stud., I S., 64.
[3] الأغاني "12/ 118، 123 وما بعدها".
[4] Keunen, De Godsdienst Van Israel, I, p. 113, Noldeke, in ZDMG., XI, S., 15.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست