نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 345
صعوبة انقياد القبائل:
وليست قيادة القبيلة بأمر سهل يسير، لا سيما إذا كانت القبيلة قبيلة كبيرة ذات عشائر وأرهاط منتشرة في مواضع متباعدة. فإن رؤساء العشائر يستغلون فرصة ابتعادهم عن أرض الأم، ويعلنون انفصالهم عنها، وتوليهم أمرهم بأنفسهم،
بيته بيتًا للجميع ومضيفا لكل من يفد إليه من كبير أو حقير أو صغير، وأن يفتح قلبه للجميع.1
وعلى الرئيس أن يكون في مقدمة القوم في الحروب والغزو، وأن يكون شجاعًا لا يهاب الموت، حتى يكسب النصر لنفسه ولقومه، وعليه أن يكون قائد قبيلته وواضع خطط الحرب؛ لأنه رمز القبيلة ورمز النصر وباعث الهمم في نفوس أبنائه، وهو أب القبيلة، وإذا لم يكن قدوة لأبنائه في ساعات الشدة والخطر، فترت همم أبناء القبيلة, ولا يثير القبائل إلا الشعارات والنخوة وإلهاب المشاعر، حتى تندفع اندفاعًا في القتال. والرئيس هو روح القبيلة وشعارها، فإذا أصيب بمكروه أو جبن في القتال، وإذا خرَّ صريعًا في المعركة، هربت قبيلته في الغالب, وتراجعت القهقرى, إلا إذا وجد في القبيلة من يؤجج فيها نار الحماسة ويبث فيها العزيمة للوقوف والصمود. ويكون مثل هذا الرجل من الشجعان الأقوياء أصحاب الإرادة القوية الذين يعرفون نفسية قبيلتهم، وإلا فليس من السهل على رجل التأثير على قبيلة, وهي في مثل هذا الوضع.
ولأثر الرئيس في مصير الحرب، كان الفرسان يوجهون كل قوتهم نحو الرؤساء؛ لأنهم على علم بأنهم إن تمكنوا من الرئيس فقتلوه, غلبوا عدوهم في الغالب وقضوا عليه. فهو الروح المعنوية عند الأعراب، يليه حامل اللواء فإذا سقط حامل اللواء قتيلًا, أسرع من عُين ليكون خليفته في التقاط الراية وحملها، وإذا سقط هذا أيضًا أسرع من يأتي بعده، وهكذا. فإن سقوط الراية معناه هزيمة منكرة ستحيق بمن سقطت رايته؛ ولهذا كانوا يختارون رجالًا شجعانًا يولونهم أمر اللواء, بحيث إذا سقط أحدهم أخذ من يليه مكانه، وهكذا حتى النصر.
1 لامانس، مجلة المشرق، 1932م, عدد 2 "110".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 345