نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 296
الأعراب. ومثلهم الذين ذكرهم الله في سورة التوبة، فقال: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} [1]. وذكر عن "قتادة" قوله: "قالت الأعراب آمنا، قل: لم تؤمنوا، ولعمري ما عمت هذه الآية الآعراب. إن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر، ولكن إنما أنزلت في حي من أحياء الأعراب امتنوا بإسلامهم على نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان. فقال الله تعالى: لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا"[2]. "وقال آخرون: قيل لهم ذلك؛ لأنهم منوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإسلامهم. فقال الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: "قل لهم لم تؤمنوا ولكن استسلم خوف السباء والقتل"[3].
ولا يعرف الأعرابي شيئًا غير القوة ولا يخضع إلا لسلطانها، وبموجب هذه النظرة بنى أصول الحق والعدل، وما يتبعهما من حقوق, كما سأتحدث عن ذلك فيما بعد، وهو فخور بنفسه متباهٍ بشجاعته، لكنه لا يصبر إذا طال القتال وجد، ولا يتحمل الوقوف طويلًا في ساحة المعركة، لا سيما إذا شعر أن القتال غير متوازن، وأن أسلحة خصمه أمضى وأقوى في القتال من أسلحته، فيولي عندئذ الإدبار، ولا يرى في هروبه هذا من المعركة شيئًا ولا عيبًا. وفي تأريخ معارك الجاهلية ولا سيما في معاركهم مع الأعاجم ومع القوات النظامية العربية أمثلة عديدة من هذا القبيل. ففي الحروب التي وقعت بين المسلمين والفرس أو الروم، خذلت بعض القبائل المسلمين، وتركتهم لما رأت جد القتال وألا فائدة مادية ستحصل عليها منه. "وقد كان انضم إلى المسلمين حين ساروا إلى الروم ناس من لخم وجذام, فلما رأوا جد القتال فروا ونجوا إلى ما كان قربهم من القرى، وخذلوا المسلمين"[4], فروا وهربوا لأنهم وجدوا أن القتال قد طال وأنه قتال جد، ولا قبل للقبائل على القتال الطويل الشديد الجد، فاختاروا الهروب دون أن يفكروا في عقدهم الذي عقدوه مع إخوانهم في الجنس على القتال معهم والاستمرار فيه حتى النهاية، فإما نصر وإما هزيمة وموت وهلاك، ولكن طبيعة الأعراب لا تقيم [1] اللسان "1/ 586"، "عرب". [2] تفسير الطبري "26/ 90". [3] تفسير الطبري "26/ 90". [4] الطبري "3/ 571"، "دار المعارف".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 296