نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 288
والحضارة. وقيل لسكان البادية البدو والبداة[1]. ومن هذا الأصل جاءت لفظة "Bedouin" في الإنجليزية وفي عدد من اللغات الأوروبية الأخرى، بمعنى أعراب.
والأعرابي بالمعنى العلمي المفهوم من اللفظة، هو -كما قلت قبل قليل- المتبدي، أي: الذي قطن البادية وعاش معظم حياته فيها وانقطع معظم حياته عن القرى والمدن, مكتفيًا باتخاذ الإبل شريكة له في حياته هذه, قاطعا البوادي الجافة التي يقل معدل سقوط الأمطار فيها عن "4" عقد في السنة، للبحث عن الكلأ والماء[2], قانعًا بحياته التي يحياها والتي أحبها وتعلق بها على ما فيها من قساوة وضراوة وفقر وشح في العيش, حتى صار لا يفارقها لأنه ولد بها. فهو لا يعرف دنيا غيرها، ولا يعرف أن في الدنيا مكانا أطيب من وطنه الذي يعيش فيه, وكل مولود على ما يولد عليه.
وتعيش بين الحضر والبادية قبائل، صيرتها إقامتها بين العالمين عالمًا وسطًا، لا هو مجتمع حضري ولا هو بدوي أصيل، حافظ على خصائصه البدوية الموروثة من البادية، واكتسب باحتكاكه بالحضر ما يلائم طبعه وما فرضه عليه محيطه الجديد من حياة أهل الحضر. فصار يزرع بعض الزرع ويرعى البقر والخيل والأغنام والمعز ويأتي إلى القرى والمدن للامتيار، ويستخدم مواد لا يستخدمها الأعراب لعدم وجود حاجة لهم بها، ولفقرهم الذي لا يسمح لهم بشرائها، وأخذ يبيع لأهل الحضارة ما يفيض عن حاجته من الألبان والزبد والجلود والأصواف والحيوانات. فأهل هذا لعالم إذن هم عالم وسط عالمين، وقنطرة تربط بين العتبة الأولى من عتبات الحضارة والدرجة الأولى من درجات البداوة. وخير مثل على هؤلاء هم عرب مشارف الشام، وعرب مشارف العراق. ويراد بالمشارف القرى والمستوطنات والمضارب القائمة على ما بين بلاد الريف وبين البوادي[3].
و"الريف" في رأي بعض علماء اللغة الخصب والسعة في المأكل والمشرب, وما قارب الماء من الأرض. أو حيث يكون الخضر والمياه والزرع؛ ولهذا قيل: "تريف" إذا حضر القرى وهي المياه، و"راف البدوي" يريف [1] De vaux p, 3. [2] تاج العروس "10/ 32", "بدا". [3] تاج العرس "6/ 154"، "شرف".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 288