responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 179
تصدق، وبطريقة تشبه المعجزات. وقد بدأ هذا الانهيار بكتاب يذكر أهل السير والأخبار أن الرسول أرسله إلى "هرقل عظيم الروم"، يدعوه فيه إلى الإسلام, فإن أبى وبقي على دينه فعليه تبعته، فلما لم يسلم، جاءه الإنذار، قوات صغيرة لا تكاد تكون شيئًا بالنسبة إلى جيوش الروم الضخمة، أخذت تمهد الطريق لنشر الإيمان في بلاد رفض حكامها الدخول فيه. طهرت الأرض الموصلة إلى الحدود من المخالفين، ثم أحذت تتحرش ببلاد الشام، ولم يأخذ الروم ذلك التحرش مأخذًا جديًّا، إذ تصوروه غزوًا من غزو العرب المألوف يمكن القضاء عليه بتحريك عرب بلاد الشام من الغساسنة ومن لف لفهم عليهم، أو بإشارة رؤسائهم بالهدايا والمال وتنصيبهم ملوكًا على عرب بلاد الشام في موضع الغساسنة كما كانوا يفعلون مع القبائل القوية الكبيرة التي كانت تتحرش بالحدود، وينتهي بذلك الغزو وتصفو الأمور.
ولم يعلم البيزنطيون أن المسلمين يختلفون عن الجاهليين، يختلفون عنهم في أن لهم عقيدة ورسالة، وأن من يسقط منهم يسقط في سبيل إعلاء كلمة ربه، وله الجنة، وأن من يعيش منهم وينجو فلن يركن إلى الدعة والحياة الهادئة والرجوع إلى البادية بل لا بد له من أحد أمرين: إما نصر حاسم، وإما موت شريف في سبيل الله ورسوله. وبقوا في جهلهم هذا إلى أن نبهتهم الضربات العنيفة التي وقعت بينهم وبين العرب في "أجنادين" "Gabatha" وفي "اليرموك" "Hieromax" بأن المعارك التي وقعت ليست غزوًا من الغزو المألوف، بل خطة مهيأة لطرد الروم الذين لا يؤمنون برسالة الرسول من كل بلاد الشام وما وراءها من أرضين، وعندئذ جمعوا جموعهم، وألفوا قلوب العرب المستعربة، أي: العرب النصارى القاطنين في بلاد الشام، بالمال وباسم الدين، وجعلوهم معهم وتحت قيادتهم في جيوشهم الضخمة لمقابلة المسلمين الذين لم يعرفوا الحروب الكبيرة، ذات العدد الضخم من المحاربين، والأسلحة المتنوعة الحديثة، بالنسبة إلى أسلحتهم المكونة من سيوف وسهام ورماح وحجارة وخناجر. وهنا وقعت غلطة فنية حربية أخرى من الروم، إذ قابلوا المسلمين بجيوش ضخمة، يسيرها قواد كبار تعودوا الحرب بأساليبها النظامية وبالطرق المدرسية الموروثة عن الرومان وتزودوا بالخبرة الفنية العالية التي كسبوها من حروبهم مع الفرس ومع الأوروبيين، فظنوا أن الحرب مع

نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست