responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 167
الأحكام، لذلك رأى أن من واجبه جمعها وتنسيقها وتهذيبها وإصدارها في هيئة دستور إمبراطوري يسير عليه قضاة الإمبراطورية في تنفيذ الأحكام بين الناس. وعهد بهذا العمل الشاق إلى "تريبونيان" "TRIBONIAN" من المشرعين المعروفين في أيامه[1]. فجمع هذا المشرع البارع القوانين في مدونات، ورتبها في كتب وأبواب، وصان بتدوينه هذا بعض القوانين البيزنطية والرومانية من الضياع، وأورث المشرعين ذخيرة ثمينة من ذخائر البشرية في التشريع.
ويعد هذا العمل من الأعمال العظيمة في تأريخ التشريع، ولم يكن "يوسطنيان" أول من فكر في جميع القوانين السابقة في مدونة، ولكنه كان أول من أقدم على تنسيقها وجمع ما تشتت منها وتيسيرها للمشرعين، وقد وحد بذلك قوانين الإمبراطورية, فعُدَّ صنيعه هذا إصلاحًا كبيرًا يدل على شعور الملك وتقديره للعدالة في مملكته. وقد أدخل معاصره "كسرى أنوشروان" إصلاحات على قوانين الجباية، فعد القرن السادس من القرون المهمة في تأريخ التشريع. ولكن الذي يؤسفنا أننا لا نملك موارد تفصل إصلاحات "كسرى", وهل هي نتيجة شعور بضرورة ملحة وحاجة، أم هي صدى للعمل الذي قام به "يوسطنيان"؟ ثم أي مدى بلغته تلك الإصلاحات؟
وفكرة إخضاع الإمبراطورية لقانون واحد نابعة من أصل عام كان يدين به "يوسطنيان"، يتلخص في دولة واحدة وقانون واحد وكنيسة واحدة. كان يوسطنيان يرى أن الدولة المنظمة هي الدولة التي يخضع فيها كل أحد لأوامر القيصر، وأن الكنيسة إنما هي سلاح ماضٍ يعين الحكومة في تحقيق أهدافها؛ لذلك سعى لجعلها تحت نفوذ الحكومة وفي خدمة أغراضها، فتقرب إلى رجال الدين، وساعد على إنشاء كنائس جديدة، واستدعى إلى عاصمته رؤساء الكنيسة "المتوفيزيتية" "MONOPHYSITES" القائلين بالطبيعة الواحدة واليعاقبة وأتباع "آريوس" "ARIAUS" وغيرهم من المعارضين لمباحثتهم ولعقد مناظرات بينهم وبين الكنيسة الرسمية للتقريب فيما بينهم, وإيجاد نوع من الاتفاق يخدم أهداف الملك المذكور. ولكن هذه المحاولة لم تنجح، ومحاولات التوفيق لم تثمر، ولتحقيق نظريته في الكنيسة الواحدة اضطهد أصحاب المذاهب المعارضة، وكذلك اليهود.

[1] VASiIiEW., PW,PP. 142.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست