responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 163
طريقة "السخرة". وهم يحاربون ولا سلاح لهم؛ لأن الحكومة لا تملك سلاحًا, ولا نظام لهم؛ لأنهم لم يدربوا على القتال ولم يعلموا أصوله، أجسامهم تقاتل، وقلوبهم مشغولة في مصير أولادهم وزوجاتهم وبيوتهم، وهم المعيلون لهم، ليس لهم غيرهم من معين.
وحكومة هذا شأنها، لا يمكن لها أن تحافظ على حدود طويلة مفتوحة سهلة تقيم عليها قبائل غازية، تترقب الفرص لتجد فرصة تهتبلها لتغير فيها على الحضر، فتنتزع منهم ما قد تقع أيديهم عليه من أي شيء. فصار الأعراب يغيرون على الحدود من كل مكان فيه نفوذ وجنود للساسانيين، ولا سيما بعد معركة "ذي قار" التي منحتهم قوة معنوية عالية، وعلمتهم مواطن الضعف عند الساسانيين. فلما جاء الإسلام من جزيرة العرب صاروا عونًا له في تقويض تلك الدولة، ودالة ساعدته في تفهم مواطن الضعف فيها، ومنها نفذ الإسلام إلى ما وراء البحار، وقوض الحكومة الضخمة بسرعة عجيبة وبمحاربين لم يكونوا قد عرفوا من قبل أساليب القتال المنظم، ولا المعارك الضخمة التي صادفوها لأول مرة في حروبهم مع الساسانيين والبيزنطيين.
وقد طمعت القبائل في حكومة الحيرة أيضًا، هذه الحكومة التي ظهر عليها الوهن كذلك. فأخذت تغير عليها وتتعرض بحدودها، وتتحرش بقوافلها التي كان يرسلها ملوكها للاتجار في أسواق الحجاز واليمن، حتى صارت الطرق التي تسلكها خطرة غير آمنة، لا يتمكن رجالها من المرور بها بسلام. ولم يستطع الساسانيون من مساعدتها وحمايتها؛ لأن أوضاعهم الداخلية كانت كما ذكرتُ على غير ما يرام, وهذا مما زاد في تصميم القبائل على مهاجمة ملوك الحيرة وحدود الفرس في آن واحد. ولعل هذه الغارات كانت في جملة الأسباب التي حملت "كسرى" على القضاء على النعمان وعلى إنهاء حكم "آل نصر"، إما بسبب ما رآه "كسرى" من عدم تمكن الملك "النعمان" من تأديب القبائل ومن ضبط الطرق والأمن، فارتأى استبداله بعربي آخر أو برجل قوي من قادة الجيوش الفرس، وإما لظنه أو لما وصل إلى علمه من خبر يفيد بأن النعمان قد أخذ يفاوض سادة القبائل الكبار لإرضائهم وضمهم إليه، وفي هذا العمل تهديد لمصالح الفرس ومحاولة للابتعاد عنهم. فأراد لذلك القضاء عليه وعلى الأسرة الحاكمة، قبل أن

نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست