نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 3 صفحه : 109
برضى من الملك ورغبة منه، فلا إكراه في الموضوع ولا إجبار؟
ويظهر من الكتابات المعينية أيضًا أن الحكم في معين، لم يكن حكمًا ملكيًّا تعسفيًّا، السلطة الفعلية مركزة في أيدي الملوك، بل كان الحكم فيها معتدلًا استشاريًّا يستشير الملوك أقرباءهم ورجال الدين وسادات القبائل ورؤساء المدن، ثم يبرمون أمرهم، ويصدرون أحكامهم على شكل أوامر ومراسيم تفتتح بأسماء آلهة معين، ثم يذكر اسم الملك، وتعلن كتابة ليطلع عليها الناس.
وقد كانت المدن حكومات، لكل مدينة حكومتها الخاصة بها، ولهذا كان في استطاعتنا أن نقول إن حكومة معين هي حكومات مدن، كل مدينة فيها حكومة صغيرة لها آلهة خاصة تتسمى باسمها، وهيئات دينية، ومجتمع يقال له:
"عم"، بمعنى أمة وقوم وجماعة، ولكل مدينة مجلس استشاري يدير شئونها في السلم وفي الحرب، وهو الذي يفصل فيما يقع بين الناس من خصومات وينظر في شئون الجماعة "عم".
وكان رؤساء القبائل يبنون دورًا، يتخذونها مجالس، يجتمعون فيها لتمضية الوقت وللبت في الأمور وللفصل بين أتباعهم في خلافاتهم، ويسجلون أيام تأسيسها وبنائها، كما يسجلون الترميمات والتحسينات التي يدخلونها على البناية. وتعرف هذه الدور عندهم بلفظة "مزود"[1]. ولكل مدينة "مزود"، وقد يكون لها جملة "مزاود"، وذلك بأن يكون لشعابها وأقسامها مزاود خاصة بها، للنظر فيما يحدث في ذلك الشعب من خلاف، ويمكن تشبيه المزود بدار الندوة عند أهل مكة، وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تفضي أمرًا إلا فيها، يتشاورون فيها في أمور السلم والحرب[2].
وتتألف مملكة معين من مقاطعات، على رأس كل مقاطعة ممثل عن الملك، يعرف عندهم بـ "كبر"، أي "الكبير". يظهر أنه كان لا يتدخل إلا في السياسة التي تخص المسائل العليا المتعلقة بحقوق الملك وبشعب معين، ويرد
1 "مزود" بحرف الزاي، ولكنه ليس كحرف الزاي في عربيتنا، بل هو أقرب إلى السين، وقد كتب بعض الباحثين، "مشود" نشر نصوص" "ص 48"، نقش 28، سطر4.
Stud. Lexi., 2, S.r 55, Mordtmann und Eugen Mlttwoch, Sabalsche Inschriften, I, S., 22. t, MM. 4. [2] StudL Lead., n, S., 58
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 3 صفحه : 109