نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 43
لآل مظعون بالحرة، فكان يزرعها قثاءً وبقلًا[1]. ولما صارت أرض "بني النضير" خالصة لرسول الله، كان يزرع تحت النخل في أرضهم فيدخل من ذلك قوت أهله وأزواجه سنة، وما فضل جعله في الكراع والسلاح[2]. وقد كان بنو النضير قد استغلوا أرضهم، وأقاموا بها "الحوائط"، ولما أسلم "مخيريق"، وهو أحدهم، جعل للرسول ما له وهو سبعة حوائط، فجعلها الرسول صدقة[2].
وذكر في بعض الروايات أن "أحيحة بن الجلاح"، وكان من أصحاب الأملاك بيثرب، كانت له بساتين وأرضين يزرعها ويسقيها بالسواني فلا يعبأ بتأخر المطر وانقطاعه. ونسب بعض أهل الأخبار له هذه الأبيات:
إذ جمادي منعت قطرها ... إن جناني عطن معصف
معروف أسبل جباره ... أسود كالغابة مغدودف
يزخر في أقطاره مغدق ... بحافتيه الشوع والغريف4
ويظهر من وجود المصطلحات الآرامية والفارسية والنبطية في لغة زراع يثرب، أنهم استعانوا في الجاهلية بالرقيق المستورد من العراق ومن بلاد الشأم في زراعة الأرض وفي إنباتها، حتى أنهم أخذوا مسمياتهم منهم، مثل "الخربز" الذي هو البطيخ في لغة أهل مكة، كانوا يسمونه "الخربز"، و"الخربز" لفظة عربية معربة، من أصل فارسي، وقد وردت في الحديث5.
ونجد في مواضع من بقية جزيرة العرب مياهًا صارت مواطن لسكن، اختلفت كثافة سكانها باختلاف مقدار الماء. وهي رحمة وغوث بالنسبة للرحل ولأهل القوافل ولذلك صارت ملاذًا استليذ به في هذه البوادي البعيدة الأبعاد الجافة القاسية، وقد اضطرت القوافل إلى الاتجاه نحوها للوصول إلى أهدافها، لذلك صارت عقدًا، تجتمع في بعض منها جملة طرق برية، إذ كانت ذات مياه غزيرة وعلى مفترق طرق، تختصر الأبعاد والمسافات، وفي هذه الأماكن، ظهرت زراعة النخيل، وهي زراعة تقنع بالقليل من الماء، لامتصاصها الرطوبة من باطن الأرض وبعض. [1] البلاذري، فتوح "22". [2] البلاذري، فتوح "31".
3 البلاذري، فتوح "31".
4 تاج العروس "5/ 404"، "شوع".
4 تاج العروس "4/ 33"، "الخربز".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 43