نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 196
الماء على الدلاء[1]. ويظهر من وجود بعض الآبار "العادية" في البراري أن تلك المواضع كانت في محلات مأهولة، ثم تركها أهلها فعميت، وبقيت آثارها تتحدث عن وجود سكن قديم في هذه المواضع. وفي اليمامة آبار عديدة عادية، لا تزال على وضعها، وهي من آبار ما قبل الإسلام. وأشار العلماء إلى مياه عادية، فقد ذكروا أن "لبينة" ماءة عادية، أي من المياه القديمة التي يعود عهدها إلى الجاهلية[2].
وقد عثر المنقبون على نصوص جاهلية مدونة بالمسند، تتعلق بتملك الآبار وبحفرها وبإصلاحها. وقد أرخ بعض منها بأيام ملك، أو برجل عظيم كان معروفًا مشهورًا في زمانه، أو بحادث وقع لهم ذي بال. وقد أمدتنا هذه النصوص ببعض المعلومات عن الآبار وعن أصحابها وأسماء المواضع التي حفرت بها.
ويكون نضوب الماء من البئر، أو تحول مائها العذب إلى ماء ملح، نكبة بالنسبة لأهل البئر، ففي تبدل طعم الماء هذا خسارة كبيرة لأهل الماء، وعليهم البحث عن مورد آخر لسد رمقهم، وإطفاء ظمأ أموالهم، وحفر بئر أخرى في مكان آخر. ونقرأ في كتب أهل الأخبار واللغة أمثلة كثيرة عن هذا التبدل الذي حدث في طعم الماء، وسببه، هو انحباس المطر، وتحول مجاري المياه العذبة الجوفية من مكان إلى مكان، مما يسبب نضوب ماء الآبار والعيون التي كانت على المجاري القديمة، أو تقليل كمياته، فتظهر عندئذ ملوحة التربة، وقد تتغلب على طعم الماء العذب، فتحوله إلى ماء ملح[3].
وقد هجرت مستوطنات عديدة بسبب وقوع هذه الظواهر المحزنة في موارد مياهها كانت تستمد مياهها من حوض ماء جوفي، فلما قلت المياه فيهما، أو تحولت إلى موضع آخر، لعوامل "جيولوجية"، تأثرت المنطقة التي فيها الماء، بهذا التحول، واضطر سكانها إلى تركها، نتيجة انقطاع موارد المياه عنها، أو تبدل طعمها، تبدلًا لا يطاق. [1] نزيه مؤيد العظم، رحلة في بلاد العرب السعيدة "ص45". [2] بلاد العرب "211". [3] تاج العروس "2/ 228 وما بعدها"، "ملح".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 196