نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 177
في جزيرة العرب، حضارة تمثل مرحلة متقدمة بالنسبة إلى الحياة الأعرابية، عمادها الزراعة وتربية الحيوان. وهي تثبت للمرء بجلاء أن سبب انتشار الأعرابية في جزيرة العرب، هو الجفاف الذي غلب عليها وندرة وجود الماء بها، وأن الماء لو توفر بها، لكان نصيبها في الحضارة مثل نصيب غيرها من البلاد التي تقدمت في أيامها وازدهرت، فلما ظهر الماء في هذه المواضع، ظهر السكن والاستقرار، ولو رزق العرب سكان جزيرة العرب ما رزق غيرهم من جو طيب، ومن أرض خصبة ذات أنهار وماء، كان شأنهم غير هذا الشأن ولا شك.
ويقال للوادي "العقيق". وذكر أن العقيق كل مسيل شقه ماء السيل فأنهره ووسعه[1]. أي في معنى وادي. والأعقة من مواضع الخصب والزرع في جزيرة العرب، إذ تكون المياه فيها قريبة من سطح الأرض. منها عقيق اليمامة، وهو واد واسع مما يلي العرمة، تتدفق فيه شعاب "العارض"، وفيه عيون عذبة الماء، وموضع بتهامة، وموضع بنجد، يقال له عقيق القنان، تجري إليه مياه قلل نجد وجباله، والعقيق، ستة مواضع أخر، وهي أودية شقتها السيل عادية منها عقيقان في بلاد بني عامر من ناحية اليمن. ومن الأودية المشهورة: وادي العتيق بالحجاز[2]. و"العرمة" أرض صلبة تتاخم الدهناء ويقابلها عارض اليمامة[3].
والأودية هي من أخصب المواضع في جزيرة العرب، حتى إن كانت جافة في معظم أيام السنة، وذلك لخصب تربتها، ولقرب الماء فيها من سطح الأرض، ولوجود العيون والبرك في بعض منها. وهي قبلة أنظار الأعراب والرعاة بعد نزول الغيث وامتلائها بالسيول، إذ يظهر فيها الكلأ: وتبقى في حفرها المياه، فتكون بركًا للشرب.
وقد زرع أهل وادي "مهزور" على مياهه، ويستمد هذا الوادي ماءه من السيل، وكذلك وادي "مذينيب". ومن "مهزور" إلى "مذينيب" شعبة يصب فيها[4]. ويسيلان بماء المطر خاصة، و"مهزور" هو وادي "بني قريظة"، وقد كان يحدث اختلاف فيما بين المزارعين في حقوقهم في الماء، ولا سيما في [1] تاج العروس "7/ 15"، "عق". [2] تاج العروس "7/ 15"، "عق". [3] تاج العروس "8/ 395"، "عرم". [4] البلاذري، فتوح "23 وما بعدها".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 177