نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 154
وإذا كان الكلأ في أرض عامة، فإنه يكون أيضًا ملكًا للجميع، أي مشاعًا بينهم. فلا يجوز لأي أحد منع آخر من الاستفادة منه؛ لأنه مشترك بين الجميع، فلا يكون أحد أخص به من أحد، ولو أقام عليه وبنى عليه. وباستثناء الأحماء فإن الكلأ النابت في موطن قبيلة هو لكل أبناء القبيلة، ليس لأحد صد أحد عنه إلا إذا كان غريبًا عن القبيلة دخل أرضها بغير إذن من أبنائها وهو ليس في حماية أحد منها. فالكلأ في البادية لا يعود لمالك فرد، وإنما هو ملك القبيلة، أبناء القبيلة فيه شركاء، يرعون فيه سواء[1].
وقد ورد في الحديث، أنه قال: الناس شركاء في ثلاث: الكلأ والماء والنار. ومعنى النار الحطب الذي يستوقد به، فيقلع من عفو البلاد. وكذلك الماء الذي ينبع، والكلأ الذي منبته غير مملوك والناس فيه مستوون. وذهب بعضهم إلى أن الماء ماء السماء والعيون والأنهار التي لا مالك لها، وأراد بالكلأ المباح الذي لا يخص به أحد، وأراد بالنار الشجر الذي يحتطبه الناس من المباح فيوقدونه[2]. فكل هذه الموارد الثلاثة، موارد مشاعة للجميع، يشترك في الانتفاع بها كل الناس. وهو مذهب أهل الجاهلية أيضًا، ما لم يبسط أحد من الملوك أو سادة القبائل سلطانه عليها، وبعلن أنها في حمايته، إذ تكون حينئذ ملكًا له. [1] تاج العروس "10/ 99"، "حمى". [2] اللسان "10/ 449"، "شرك". الأرض ملك الآلهة:
الأرض كما سبق أن بينت ملك للآلهة. وكل شيء على هذه الأرض هو ملك لها كذلك. والناس أنفسهم عبيد لها "ادم"[1]. ورأيهم هذا يطابق رأي الإسلام بالنسبة إلى الملك. فالله في الإسلام مالك الملك، وهو مالك كل شيء. والمال مال الله والناس عبيد له. وعندهم أن ممثلي السلطة الإلهية على هذه الأرض هم الذين ينظمون الملك ويقيمون العدل بين الناس ويحقون الحق كما تأمرهم الآلهة به. وكما شرعته لهم وأوصت به. فهم في ذلك مثل الإسلام أيضًا في أن أولي الأمر
1 "ادم"، "ادوم" "ادومت"، "أوادم"، "عبيد"، "عبدات"،
Grohmann, S. 126.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 154