responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 13  صفحه : 153
الماء من جوف التربة وبالاستفادة من ماء السماء المنهمر قربًا، على أن من السهل تحويل الغامر من الأرض إلى أرض عامرة حية منتجة، وإلى تكوين قرى ومستوطنات في المفاوز والبوادي، كما وقع ذلك في اليمامة وفي الحجاز وفي مواضع أخرى، حيث حفر رجال آبارًا واستنبطوا عيونًا، أحيت الأرض بعد موت، وأولدت قرى عليها. غير أن عقلية البداوة، وأعني بها الروح الفردية ونزعة الغزو بسبب الجهل والفقر، وعدم وجود حكومة تحمي الأمن وتدافع عن هذه المستوطنات وعن مشاريع الأفراد، تشعر أن من واجبها البحث عن الماء في كل مكان، قد كانت من أهم العوائق في عدم إحياء الأرض وإنباتها، وفي تأخر سكان جزيرة العرب وفي تفقيرهم فكان على من يحيي أرضًا حماية ما أحياه بنفسه والدفاع عنه بأهله وبماله وبنفوذه وقوته، وإلا عرض نفسه وما أحياه للخطر، وهذا عمل مجهد شاق، جعل أكثر المتمكنين يحجمون عنه، ولا يقبلون عليه، ولم يقبل عليه إلى المجازف القوي المتمكن من القيام به بما له من جاه ونفوذ.
وأهم ما تعرض له إحياء الموات من خطر، هو خطر الغزو ومحاولات الاستيلاء عليه. وحماقة البحث عن العامر لأخذه أو لأخذ ما يوجد فيه بدلًا من إحياء موات وتعميره. وذلك لما قلته من وجود الفقر وفقدان الأمن والحماية، فتحول قسم كبير من العامر بسبب هذا المرض إلى غامر، إذ خربت مصادر الحياة فيه وهو المياه وطمرت، فماتت، وماتت المستوطنات التي كانت عليها بسبب ذلك.

الماء والكلأ والنار:
الماء إذا كان عامًا، فإنه لا يمتلك. والماء العام مثل عيون الماء التي لا تكون في حيازة مالك، بل تكون مشاعة بين الجميع، لا يملكها أحد من أهل الحي، وليس لرقبتها مالك، فماؤها للجميع. مثل أن تكون العين في قرية أو في مدينة أو في أرض قبيلة، فلكل إنسان حق الانتفاع منها، لا يمنعه أحد منها، ولا يستوفى بدل عن ذلك الماء. وقد ورد أن الناس شركاء في الماء، ماء الأرض وماء السماء، إذا كانا في أرض عامة، أي مشاعة، ينتفع منها كل إنسان[1].

[1] تاج العروس "10/ 99"، "حمى".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 13  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست