نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 135
فأحرق "بنو يربوع" بعض زرعهم، وعقروا بعض نخلهم، فلما رأى القوم ذلك نزلوا إليهم فقاتلوهم[1].
وقد اتخذ المزارعون ملاجئ لهم عند أماكن زرعهم يأوون إليها لحماية أنفسهم من أشعة الشمس ومن المطر والعواصف، وكانوا يسكنون بها، كانت هذه سنتهم في الجاهلية وفي الإسلام. وقد ذكر مؤلف "بلاد العرب" أن بروضة السويس قبتين مبنيتين يسكنها الزارعون[2].
وقد أولد هذا المجتمع تباينًا في منازل الناس، جعل من أصحاب الأرض الكبيرة ملاكًا كبارًا لهم أطم وحصون، يأوون إليها، ولهم خدم يخدمونهم ويخدمون زرعهم وماشيتهم، هم العنصر المنتج، والآلة التي تساعد على الإنتاج وعلى تكثيره، وعلى تزييد أموال الملاك، أما هم أنفسهم فمجرد خدم ورقيق، خلقوا لخدمة سادتهم ووجدوا لرعاية أموالهم والعناية بزرعهم وتكثير رزقهم. وإلى جانب هؤلاء الناس أحرار، كان في رزقهم شح، وفي حياتهم عسر، وقوتهم قليل، قاموا بمختلف الأعمال والحرف لإعالة أنفسهم وسد رمقهم.
وقد تمكنت بعض هذه المستوطنات من إنتاج حاصل زراعي سد حاجة أهل المستوطنة، ومن بيع الفائض منه إلى الأعراب. وبينها مستوطنات زرعت الحبوب، مثل الحنطة وصدرتها إلى أماكن أخرى. فقد ذكر أن قرى اليمامة كانت تمون مكة بالحب، وتمون الأعراب بالتمور. وما هذه القرى سوى مستوطنات، ظهرت في البوادي بسبب وجود الماء فيها، وبسبب استنباطه من الأرض بحفر الآبار، فنمت وتوسعت، لاتساع صدر الماء بها، ولتفضل الأرض على من نزل بها بإعطائهم ماءً كافيًا، كفاية تساعد على توسع المستوطنة، فيما لو عمل النازلون بها على استنباطه من باطنها، واستعملوا عقولهم وأيديهم في استغلال التربة للحصول على موارد الرزق منها.
وتحدد الأرض المملوكة بحدود، وقد توضع على أطرافها علامات، لتكون حدودها معلومة، فلا يتجاوز عليها. ويقال للحد بين الدارين، أو بين الأرضين "الجماد"، وقد أشير إلى "الجوامد"، أي الحدود في الحديث. ورد: إذا [1] النويري، نهاية الأرب "15/ 385"، "يوم الحائر وهو يوم ملهم". [2] بلاد العرب "304".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 135