نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 132
الزروع الأخرى النخيل في ذلك. وهذا هو سبب نص "الهمداني" وأمثاله ممن كتب عن مواضع جزيرة العرب، على القرى، بأنها قرى، أو قرى سكن، أو قرى نخيل[1]. أو قرى زراعة ونخيل، أو نخل وقرية[2].
وأما القرى التي غلب التعدين عليها، فقد نص عليها بأنها "معدن"، لتمييزها عن القرى الأخرى[3].
وهكذا ظهرت في البوادي مستوطنات زراعية رعوية، كفت نفسها بنفسها، توقف حجمها على كمية الماء فيها، وتوقف إنتاجها على مقداره وكميته، وظهرت فيها نتيجة لذلك الملكية الفردية، تملك المقيم فيها الأرض التي استقر بها وبنى بيته عليها، وتملك زرعه وحاصله إن كان له زرع، وتملك ماشيته إن كان صاحب ماشية. وتولد نتيجة لكل ذلك مجتمع مستقر، تعاون فيما بينه في الدفاع عن نفسه وعن ماله، وفي جلب السلع التي يحتاج إليها الإنسان والميرة، وتولد فيها تعامل وبيع وشراء، توقف حجمه بالطبع على حجم ذلك المكان وعلى مقدار وجود الماء به.
فالبحث عن الماء والحصول عليه بالمال وبالخدم والعبيد، كون الملكيات الفردية في البوادي بين الأعراب، وأوجد المستوطنات الحضرية والمستقرات، وصير من بعض البدو حضرًا أو أشباه حضر، وغير بعض التغيير من معاييرهم ومقاييسهم الاجتماعية، بجعلهم زراعًا وفلاحين، بعد كره واستهجان للمزارع وللزراعة. وهذه المستوطنات هي مستوطنات نشأت وظهرت بجهد الإنسان وبعمله وجده، وباستثمار عقله وماله وفي تسخير أتباعه في استنباط الماء، وتحويل الأرض البكر إلى أرض زراعة وسكن، وفي جزيرة العرب مستوطنات عديدة من هذا القبيل، ومعظم مستوطنات يثرب، هي من هذا النوع، مستوطنات قامت على الآبار التي احتفرها المتمكنون من أهلها، فزرعوها وأقاموا الأطم بها لحماية الزرع والناس من الأخطار. والأطم القصور، وكل حصن بني بالحجارة أطم. وقيل هو
1 "وفي ثنية الحفير نخل"، الصفة "148"، "روضة الحازمي، وبها النخيل وحصن منيع"، الصفة "142".
2 "والعذيب نخل وقرية"، الصفة "149".
3 "وقرية عظيمة يقال لها: العوسجة. وهي معدن. وكذلك شمام: معدن ... "، الصفة "149".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 132