نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 12 صفحه : 9
الجاهليين حرصوا على المحافظة على أسسه وشكله وموضعه. وإنهم كانوا بعد كل هدم أو تصدع يصيبه يحاولون إرجاعه إلى ما كان عليه في أيام آبائهم وأجدادهم جهد إمكانهم، لا يحدثون فيه تغييرًا ولا يدخلون على صورة بنائه تبديلًا.
و"البيت الحرام" بناء مكعب، ولذلك قيل له "الكعبة". وصفه أهل الأخبار، فقالوا: كانت الكعبة قبل الإسلام بخمسة أعوام صنمًا، أي حجارة وضعت بعضها على بعض من غير ملاط، فوق القامة، وقيل كانت تسع أذرع من عهد إسماعيل، ولم يكن لها سقف، وكان لها باب ملتصقة بالأرض. وكان أول من عمل لها غلقًا هو تبع[1]. ثم صنع "عبد المطلب"، لها بابًا من حديد، حلاها بالذهب من ذهب الغزالين. وهو أول ذهب حليت به الكعبة[2].
ووصف أهل الأخبار لها على النحو المذكور، يجعلنا نتصورها وكأنها خربة بدائية بسيطة، هي ساحة تكاد تكون مربعة أحيطت بجدار من أحجار رضمت بعضها فوق بعض من غير مادة بناء تمسك بينها، تحط في فنائها الطيور وسباع السماء، ولا يحول بين أرضها وبين أشعة الشمس المحرقة والأمطار التي تنزل على مكة أحيانًا على شكل مياه خارجة من أفواه قرب، أي حائل. إنها في الواقع حائط من أحجار لا يزيد ارتفاعه على قامة إنسان.
ويذكر بعض أهل الأخبار أن أول من بنى جدار الكعبة، "عامر" الجادر من الأزد. فقيل له: "الجادر"[3]. وكان أول من جدر الكعبة بعد إسماعيل[4].
وأول تسقيف لها كان –كما يذكر أهل الأخبار- في التعمير الذي أجرى عليها في النصف الأول من القرن السابع للميلاد، وذلك قبل الإسلام بخمس سنين، وعمر الرسول يومئذ خمس وثلاثون سنة. وسبب ذلك حريق أصابها –كما يزعمون- فقرروا إعادة بنائها، واجتمعوا وعملوا رأيهم فكان قرارهم تسقيفها بخشب، وقد أقيم السقف على ستة أعمدة من الخشب، وزعت في صفين. وزادوا فيها تسع أذرع، فصارت ثماني عشرة ذراعًا، ورفعوا بابها عن الأرض، فكان لا يصعد إليها إلا في درج أو سلم. ورفعوا من جدرانها التي بنوها بساف [1] الروض الأنف "1/ 127"، الطبري "2/ 283 وما بعدها". [2] الروض الأنف "1/ 101". [3] ابن سعد، طبقات "1/ 64"، "صادر". [4] الاشتقاق "25".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 12 صفحه : 9