responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 83
ونراه يقول في المنايا:
فأبلغ بني وأعمامهم ... بأن المنايا هي الوارده
لها مدة فنفوس العباد ... إليها وإن كرهت قاصده
فلا تجزعوا الحمام دنا ... فللموت ما تلد الوالده1
وفي كثير من مواضع شعره يذكر المنايا ويتذكر الموت، ثم هو يتجلد ويتصبر في ملاقاة الشدائد والأهوال، وينصح الناس بالسير على هذا المنوال. والذي يقرأ شعره، يشعر أنه أمام رجل حضري رقيق عاطفي المزاج، ذي نفس ميالة إلى التقشف والتصوف، مؤمن بالعدل، كاره للظلم، فهل كان عبيد على هذه الشاكلة؟ وهل هذا الشعر وخاصة ما جاء منه في البائية هو نظم من منظومه؟ أو هو من نظم من عاش بعده في الإسلام؟
وأما "كعب بن لؤي بن غالب". فهو من أجداد النبي. وقد كان على الحنيفية، وإليه كانت تجتمع قريش في كل جمعة، فكان يعظهم ويوجههم ويرشدهم يأمرهم بالطاعة والتفكر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار وتقلب الأحوال والاعتبار بما جرى على الأولين والآخرين، ويحثهم على صلة الأرحام وإفشاء السلام وحفظ العهد ومراعاة حق القربة والتصدق على الفقراء والأيتمام[2].
هذه خلاصة موجزة لسير من حشرهم أهل الأخبار في زمرة الحنفاء، تريك آراء الجماعة تكاد تكون واحدة: كفر بالأصنام وبالشرك كله، وإعراض عن عادات قومهم، وثورة على عقائدهم، وترقب لحدوث تطور وإصلاح يقضي على الجهالة، وقد مهدوا له بدعوتهم تلك التي أشاعوها بين بني قومهم فجلبت عليهم السخط والغضب الشديد، مما حمل أكثرهم، وهم في الغالب من مكة وأطرافها، على الفرار من بلدتهم إلى أطرافها المنعزلة الآمنة وغيرها من الأماكن الخالية، ليكونوا في أمان من إيذاء قومهم لهم، وفي وسط يفكرون فيه في خلق السماوات والأرض تفكيرا هادئا، فلا يزعجهم مزعج، ولا ينغص حياتهم هناك مختص.

1 شعراء النصرانية "القسم الرابع ص604 وما بعدها".
[2] ابن سعد، الطبقات "الجزء الأول، القسم الأول ص39"، بلوغ الأرب "2/ 282".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست