responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 68
بقي لدينا افتراض، هو أخذ القرآن الكريم من أمية، وهو افتراض ليس من الممكن تصوره، فعلى إثبات أن شعر أمية في هذا الباب هو أقدم عهدا من القرآن الكريم، وتلك قضية لا يمكن إثباتها أبدا. ثم إن قريشًا ومن لف لفها ممن عارض الرسول لو كانوا يعلمون ذلك ويعرفونه، لما سكتوا عنه، ولقالوا له إنك تأخذ من أمية، كما قالوا له: إنك تتعلم من غلام نصراني كان مقيمًا بمكة، وإليه أشير في القرآن الكريم بقوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [1]. ولقد أشار المفسرون إلى اسم الغلام، كما سأتحدث عن ذلك في الفصل الخاص بالنصرانية عند العرب قبل الإسلام، ولم يشيروا إلى أمية بن أبي الصلت[2]. ثم إن أمية نفسه لو كان يعلم ذلك أو يظن أن محمدًا إنما أخذ منه، لما سكت عنه وهو خصم له، منافس عنيد، أراد أن تكون النبوة له، وإذا بها عند شخص آخر ينزل الوحي عليه، ثم يتبعه الناس فيؤمنون بدعوته. أما هو فلا يتبعه أحد. آخر ينزل الوحي عليه، ثم يتبعه الناس فيؤمون بدعوته. أما هو فلا يتبعه أحد. هل يعقل سكوت أمية لو كان قد وجد أي ظن وإن كان بعيدا يفيد أن الرسول قد أخذ فكرة منه، أو من المورد الذي أخذ أمية نفسه منه؟ لو كان شعر بذلك، لنادى به حتما، ولأعلن للناس أنه هو ومحمد أخذا من منبع واحد، وأن محمدا أخذ منه، فليس له من الدعوة شيء، ولكانت قريش وثفيف أول القائلين بهذا القول والمنادين به.
نعم، لقد ورد في الحديث، كما قلت قبل قليل، إن الشريد بن سويد كان قد أنشد الرسول شعر أمية، وإنه كان كلما أنشده شيئًا منه طلب منه المزيد، حتى إذا ما أنشه مئة بيت، قال له الرسول: آمن شعره وكفر قلبه، أو آمن لسانه وكفر قلبه، ولكننا هنا بحاجة إلى تثبيت تاريخ هذا الإنشاد، وإثبات صحة الرواية وتدقيق رجال السند، لإثبات أن ما أنشد لم يكن قد نزل في مثله الوحي.
وممن ذهب إلى افتراض أخذ الرسول من أمية من المستشرقين "كليمان هوار" و"بور" "Power. زغم "بور" إنه حيث يوجد تشابه بين شعر أمية والقرآن

[1] النحل، الآية 103.
[2] سيرة ابن هشام "1/ 420".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست