responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 41
ومما يلفت النظر في الروايات الواردة عن حفظ الرسول لخطبة "قس"، هو إشاراتها إلى أن النبي كان يحفظ نص الخطبة، ولم يكن يحفظ الشعر الملحق بها. مع أن حفظ الشعر أيسر من حفظ النثر. ولعل الرواة رووا ذلك لإظهار أن الرسول كان لا يقول الشعر، وإنما كان يسمعه. ولكننا نجدهم من ناحية أخرى يروون أنه كان يتلو من الشعر المناسب ما شاء أن يتلو، وأنه كان يستشهد به في كلامه، وأنه كان يحفظ شيئًا من شعر الماضين والحاضرين. ولن يضير النبوة من حفظ الشعر شيئًا.
والنص المحفوظ لخطبة "قس" نص مختلف لم يتفق الرواة عليه. مما يدل على أنه لم يكن مدونًا، وإنما روي بروايات مختلفة، ثم دونت فيما بعد.
وأوصل بعض الإخباريين قسًا إلى القيصر، فزعموا أنه ذهب إليه واتصل به، وأن القيصر أكرمه وعظمه. وأنه سأله عن العلم قائلًا له: ما أفضل العلم؟ قال: معرفة الرجل بنفسه. قال: فما أفضل العقل؟ قال: وقوف المرء عند علمه. قال: فما أفضل الأدب؟ قال: استبقاء الرجل ماء وجهه. قال: فما أفضل المروءة؟ قال: قلة رغبة المرء في اختلاف وعده. قال: فما أفضل المال؟ قال: ما قضي به الحق[1]. وهو كلام ينبئك أسلوبه وطبيعته عن أصله وفصله، وله أصل يرجع إلى الفلاسفة اليونان. ونسبوا له قبرًا جعلوه في موضع "روحين" على مقربة من حلب في لحف جبل ينذر له[2].
ونجد حديث قيصر المزعوم مع "قس"، في رواية أخرى على شكل آخر. وقد أهملت هذه الرواية اسم قيصر. فلم تشر إليه، واكتفت بلفظة "قيل"، فقالت: "قيل لقس بن ساعدة: ما أفضل المعرفة؟ قال: معرفة الرجل بنفسه. قيل له: فما أفضل العلم؟ قال: وقوف المرء عند علمه! قيل له: فما أفضل المروءة؟ قال استبقاء الرجل ماء وجهه"[3].
وقس هو مخترع أوجد للعرب أشياء عديدة على زعم أهل الأخبار. أحدث لهم أمورًا كثيرة. فهو أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية، وأول من توكأ

[1] شعراء النصرانية "2/ 211"، الأمالي، للقالي "3/ 37" "دار الكتب"، العقد الفريد "2/ 254 وما بعدها، 290 وما بعدها".
[2] شعراء النصرانية "2/ 216"، الأغاني "14/ 40 وما بعدها".
[3] العقد الفريد "2/ 290 وما بعدها".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست