نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 12 صفحه : 379
وأن منهم من تجلب رؤيته الخير لمن يراه. ويكون للحسن والقبح ولسيماء الوجه والجسم دخل كبير في تكوين رأي عن الشخص الذي يتشاءم أو يتفاءل منه. وقد قلت إن بعض العاهات التي تكون في بعض الناس، تجعل غيرهم يتشاءمون منهم عند وقوع نظرهم عليهم في الصباح.
وهناك كلمات عديدة في التشاؤم و"الشؤم"، مثل "شائم" و"شؤم" و"مشؤوم" و"مشوم" و"مشائيم" و"تشاءموا"، و"الأشأم" وأمثال ذلك[1].
ولا يقتصر استعمال هذه الألفاظ على جنس معين، بل تقال لكل ما يجلب الشؤم على إنسان. فمن البشر -كما قلت- من هم شؤم على غيرهم، يجلبون الشر لمن يتشاءم منهم، يستوي في ذلك الرجال والنساء والأطفال. ولما كان التشاؤم قضية اعتبارية تتعلق بالنفس والمزاج، كان بعض الأشخاص أو الحيوانات أو الأشياء شؤما عند ناس، بينما هم ليسوا كذلك عند جماعة آخرين. ولكن الغالب أن التشاؤم من الأشياء القبيحة أو الناقصة أو الراعبة وما شابه ذلك، فهذه المزعجات تؤثر على النفس، فتجعلها تتشاءم منه، وتتوقع حدوث النحس من رؤيتها، ولا سيما في الصباح، وعند الهم بالشروع في عمل مهم.
وكانوا يحبون أن يأتوا أعداءهم من شق اليمين[2]. يتفاءلون بذلك. لأن في اليمين اليمن، وفي اليسار العسر.
وللأسماء والكلمات أثرها في الفأل وفي الطيرة، فالأسماء الحسنة الجميلة تبعث على التفاؤل، أما الأسماء الخبيثة والرديئة فإنها تولد التشاؤم. وقد عرف هذا النوع من التفاؤل في الإسلام، ولم ينه عنه. بل قيل إن الرسول كان يتاثر من الأسماء، وكان يقول إذا أعجبته كلمة: "أخذنا فألك من فيك"، وإنه يعجبه إذا خرج لحاجة أن يسمع: يا راشد، يا نجيح، وأنه قال: "لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل" [3].
وللطيرة سمت العرب المنهوش السليم، والبرية المفازة، وكنوا الأعمى أبا بصير، [1] تاج العروس "8/ 354". [2] الحيوان "5/ 516"، "هارون". [3] جامع الأصول "8/ 394".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 12 صفحه : 379