responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 34
عليهم لفظة: "الحنفاء"، تكتل وتنظيم مع مظاهر خارجية وداخلية تميزهم عن غيرهم من أهل الأديان. لذلك، فنحن لا نستطيع أن نقول إن الحنيفية كانت فرقة تتبع دينًا بالمعنى المفهوم من الدين، كدين اليهودية أو النصرانية، لها أحكام وشريعة تستمد أحكامها من كتب منزلة مقدسة ومن وحي نزل من السماء، على نحو ما نفهمه من الأديان السماوية. لذلك، فأنا لا أستطيع إقرار رأي من ذهب إلى أنهم كانوا جماعة دينية منظمة، كرأي المستشرق "شبرنكر"، الذي ذهب إلى هذا المذهب[1].
وجل هؤلاء الأحناف، هم من أسر معروفة، وبيوت يظهر أنها كانت مرفهة أو فوق مستوى الوسط بالنسبة إلى تلك الأيام، ولهذا صار في إمكانهم الحصول على ثقافة وعلى شراء الكتب، وقد كانت غالية الثمن إذ ذاك، لنيل العلم منها. كما صار في إمكانهم الطواف في خارج جزيرة العرب لامتصاص المعرفة من البلاد المتقدمة بالنسبة إلى تلك الأوقات، مثل العراق وبلاد الشام. وقد اتصلوا كما يزعم أهل الأخبار فعلًا برجال العلم والدين فيها، وتحادثوا معهم وأخذوا الرأي منهم. ومن يدري فلعلهم قرءوا عليهم الكتب وفي جملتها كتب اليونان، أو ترجمات كتبهم بالسريانية، فحصلوا نتيجة لذلك على علم بمقالات اليونان وبآرائهم في الفلسفة والدين والحياة. وقد تكون بعض الآراء المنسوبة إليهم، والتي ترجع إلى أصل يوناني، قد قالوها من أخذهم لها من تلك الكتب ومن دراستهم على من اتصلوا بهم من العلماء في أثناء وجودهم في العراق وفي بلاد الشام.
ونجد في الأخبار أن الرسول كان يعد الرهبانية مخالفة للحنيفية، إذ ورد أن أبا عامر بن صيفي –المعروف بالراهب لأنه كان قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح- قدم المدية ورأى الرسول، وسأله: ما هذا الذي جئت به؟ -فقال الرسول: "جئت بالحنيفية دين إبراهيم"، قال: فأنا عليها، فقال الرسول: "لست عليها، ولكن أدخلت فيها ما ليس منها". وقد سماه الرسول الفاسق.
فذهب مغاضبًا للرسول كما تقول الروايات، متوجهًا إلى قيصر، ليحمله على توجيه جيش إلى المدية للقضاء على الإسلام، غير أنه مات وهو في بلاد الشام[2].

[1] Sprenger, Das Leben, Bd., I, S. 4, Ency., II, S. 259
[2] مجمع البيان "9/ 64 وما بعدها"، "3/ 500" "طبعة طهران".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست