responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 337
فالكاهن إذن، هو الذي يتنبأ بواسطة تابع، ولا يستطيع غير الكاهن رؤية التابع. وتكون الكهانة كلامًا يلقيه الكاهن نفسه، أو تابعه، جوابًا عن أسئلة الكاهن. ولما كان التابع روحًا، كان من الطبيعي تصور صدور ذلك الكلام من روح لا يمكن لمسها ولا رؤيتها، ترى وتسمع وتعقل، وتجيب ما يطلب منها الإجابة عنه.
ويكون الكاهن في أثناء تكهنه في غيبوبة أو في شبه غيبوبة في الغالب، ذلك بأنه متصل في هذه الأثناء بعالم مجهد صعب لا يتحمله كان إنسان، ولاتصال الروح فيه، واتصال الروح بجسم الكاهن شيء جد عسير، يتصبب العرق منه. خاصة إذا كان المتكلم الكاهن نفسه.
ويكون التكهن، في الغالب، في مكان هادئ تكتنفه ظلمة أو عتمة، لأن للهدوء والظلام أثرًا عظيمًا في النفوس، ويسبقه حرق بخور في الأكثر يستمر إلى ما بعد انتهاء التنبؤ، لأن البخور من الروائح الطبية التي تؤثر في الأرواح، فتجلبها إلى المكان بسرعة. ثم إن له تأثيرًا خاصًّا في الأعصاب، وهو بذلك مادة صالحة في الإيحاء لمن يقصد استشارة الكهان.
ويروي الإخباريون أن الناس كانوا إذا قدموا على الكهان امتحنوهم ليتأكدوا من صدق تكهنهم ومقدار علمهم. وذلك بإخفاء شيء اخفاء لا يمكن الاهتداء إليه، أو بوضع لغز، أو ما شابه ذلك، فيبدؤون الكاهن بالسؤال عنه. فإذا أجاب جوابا دل على معرفة وسعة علم، سألوه عن الأمر الذي عندهم والذي من أجله قصدوه. ويكون لهؤلاء الكهان أجر يدفع إليهم. والعرف الغالب أن الكهانة لا تكون ولا تصح إلا بتقديم شيء للكاهن، لأن التابع لا يرضى بالتنبؤ إلا إذا رأى حلاوة التنبؤ.
ومن قبيل الامتحانات التي امتحن بها الكهان، امتحان "عتبة بن ربيعة" إلى بعض كهان اليمن ليتأكد من صدق تكهنه قبل النظر في أمر اختلاف ابنته "هند" مع زوجها "الفاكه بن المغيرة" في فرية رماها "الفاكه" زوجته بها[1]. وامتحان "عبد المطلب" للكاهن "ربيعة بن حذار الأسدي" حين اختصم مع "بني كلاب وبني رباب"[2]، وامتحان "الكاهن الخزاعي"[3] وغير ذلك.

[1] نهاية الأرب "3/ 131"، صبح الأعشى "1/ 398 وما بعدها".
[2] نهاية الأرب "3/ 133".
[3] نهاية الأرب "3/ 132.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست