نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 12 صفحه : 316
"عمل يقرب فيه إلى الشيطان"[1]. وقد فسر بعض العلماء كلمة "الجبت" في القرآن الكريم بمعنى السحر، كما ذكر أنها تعني الساحر والكاهن والصنم وكل ما عبد من دون الله. وفسر "الطاغوت" بمعنى الشيطان[2].
وقد وردت كلمة "السحر" و"سحر" و"الساحر" و"الساحرون" و"السحرة" و"مسحورا" و"مسحورون" في مواضع عديدة من القرآن الكريم، ويدل ورودها فيه بهذه الكثرة على مبلغ أثر السحر في عقلية الجاهليين وقد اتهم أهل مكة الرسول أنه ساحر، حينما أخبرهم بنزول الوحي عليه. وقالوا إنه يستمد وحيه من الشياطين.
وقد جمع البخاري بين الكهانة والسحر بأن قدم الكهانة على السحر، لأن مرجع الاثنين شيء واحد هو الشياطين[3].
وقد حملت تلك المواضع من القرآن الكريم المفسرين على جمع ما علق بأذهان الناس عن السحر. أما كتب الحديث ففيها مادة مفيدة وردت ضمنا عن عقيدة أهل الجاهلية به. كما وردت في أخبار أهل الأخبار إشارات إليه، تجمل جميعها أن الاعتقاد بالسحر بين الجاهليين كان شائعا معروفا، وأن ممارسيه في جزيرة العرب كانوا عربا ويهودا، إنهم كانوا يرون أن أصوله في بابل وعند يهود.
وقد كان أكثر السحرة في الجاهلية من يهود[4]. يقصدهم الجاهليون من أنحاء بعيدة، لاعتقادهم بسعة علمهم وباختصاصهم فيه. وكان اليهود يسندون علمهم إلى بابل، ولهذا نجد الأحاديث والأخبار العربية ترجع علم السحر إلى بابل واليهود.
والفرق بين الكهانة والسحر أن الكهانة تنبؤ، فسند الكاهن هو كلامه الذي يذكره للناس. أما السحر، فإنه عمل في الأكثر، للتأثير في الأرواح، كي تقوم بأداء ما يطلب منها. ولا يمكن صنع سحر ما لم يقترن بعمل. ويصحب هذا [1] تاج العروس "3/ 258"، "سحر"، اللسان "4/ 348"،"سحر". [2] النساء، الآية 50، "وسمي الساحر والكاهن جبتا"، المفردات "83"، تاج العروس "1/ 535"، شمس العلوم "جـ1، ق2، ص244". [3] عمدة القاري "21/ 421، 445"، الطبرسي، "1-2"، "384". [4] عمدة القاري "21/ 213"، الطبري "2/ 439"، العقد الفريد "6/ 276"، تفسير الرازي "17-18 "ص9"، سنن ابن ماجة "2/ 1173"، روح المعاني "30/ 283".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 12 صفحه : 316