responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 30
أي بالمعنى الذي فهمه علماء اللغة. فاللفظة إذن من الألفاظ المعروفة أيضًا عند العرب الجنوبيين.
عندي أن لفظة "حنيف"، هي في الأصل بمعنى "صابئ" أي خارج عن ملة قوم، تارك لعبادتهم. ويؤيد رأيي هذا ما ذهب إليه علماء اللغة، من أنها من الميل عن الشيء وتركه، ومن ورودها بهذا المعنى في النصوص العربية الجنوبية. وبمعنى "الملحد"، و "المنافق"، و"الكافر" في لغة بني إرم، ومن إطلاق "المسعودي" و "ابن العبري" لهذه اللفظ على "الصابئة". ومن ذهاب "المسعودي" إلى أن اللفظة من الألفاظ السريانية المعربة. وقد اطلقت على "المنشقين" على عبادة قومهم الخارجين عليها، كما أطلق أهل مكة على النبي وعلى أتباعه "الصابئ" و "الصباة"، فصارت علمًا على من تنكر لعبادة قومه، وخرج على الأصنام. ولهذا نجد الإسلام يطلقها في بادئ الأمر على نابذي عبادة الأصنام، وهم الذين دعاهم بأنهم على "دين إبراهيم". ولما كان التنكر للأصنام هو عقيدة الإسلام لذلك صارت مدحًا لمن أطلق الجاهليون عليهم تلك اللفظة لا ذمًا[1].
وليست الصورة التي رسمها المفسرون وأهل الأخبار عن عقيدة الحنفاء واضحة، فهي صورة غامضة مطموسة في كثير من النواحي، تخص الناحية الخلقية أكثر مما تخص الناحية الدينية. فليس فيها شيء عن عقيدتهم في الله، وكيفية تصورهم وعبادتهم له، وليس فيها شيء عن كتاب كانوا يتبعونه أو كتب كانوا يسيرون عليها. نعم، إن نفرًا منهم كما ذكر الرواة كانوا قد قرءوا الكتب ووقفوا عليها، ولكن ما تلك الكتب التي قرءوها، وما أسماؤها. وهل هي التوراة والإنجيل؟ ولكن أي توراة وإنجيل؟ التوراة والإنجيل التي كانت بين أيدي الناس أو غيرها؟ فالذي يفهم من كلام الرواة أن الحنفاء كانوا يرون تحريفًا في الكتابين، وأن هناك تباين قليلًا أو كثيرًا بين الأصل الذي أوحاه الله وبين الذي كان بين أيدي الناس، وأنهم لذلك مالوا عن اليهودية والنصرانية إلى دين إبراهيم الحنيف، فقرءوا كتبه وتعبدوا بعبادة إبراهيم. ولكن ما هي كتب إبراهيم وما هي عبادته؟

[1] راجع أيضًا: Ency., II, P. 259
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست