نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 12 صفحه : 234
وكان النصارى العرب يتقربون إلى رجال دينهم ويتبركون بهم ويحترمونهم حتى قيل إن الصبيان منهم كانوا إذا رأوا الراهب ينزل ليذهب إلى بيت المقدس أو غيره خرجوا له فتمسحوا به ولثموا ثيابه، حتى يمزقوا أثيابه. وإلى ذلك أشير كما يقول أهل الأخبار - في شعر امرئ القيس:
فأدركنه يأخذن بالساق والنسا ... كما شبرق الولدان ثوب المقدس1
ولبس رجال الدين ملابس خاصة لتميزهم عن غيرهم، غلب عليها السواد. وقد اختصت لفظة "المسح" و"المسوح" بالملابس التي كان يلبسها الزهاد والرهبان.
ومن أهم العلامات الفارقة التي ميزت معابد النصارى عن معابد اليهود والوثنيين: "الناقوس"، الذي ينصب فوق سطح الكنائس وفي منائرها، للإعلان عن أوقات العبادات ولأداء الفروض الدينية، وهو عند الجاهليين خشية طويلة يقرع عليها بخشبة أخرى قصيرة يطلقون عليها لفظة "الوبيلة" و"الوبيل". وهو في مقابل البوق عند يهود يثرب، إذا أرادوا الإعلان عن موعد العبادة. وقد عرف هذا البوق بين عرب يثرب بـ "القنع" أيضًا[2]، وبـ"الشبور"[3]. وقد ذكر علماء اللغة أن الشبور "شيء يتعاطها النصارى بعضهم لبعض كالقربان يتقربون به". وقال بعضهم: هو القربان بعينه، وذكروا أن الشبور شيء ينفخ فيه، فهو البوق عند اليهود، وهو معرب وأصله عبراني[4].
وقد وردت كلمة "الناقوس" في الشعر الجاهلي: وردت في بيت للشاعرالمتلمس5،
1 المعاني الكبير "2/ 764". [2] القنع، وورد القبع والقتع والقثع، اللسان "10/ 131"ز [3] عمدة القاري "5/ 102 وما بعدها"، اللسان "8/ 126". [4] اللسان "6/ 59"، تاج العروس "3/ 289"، "شبر"، وقد نقس بالوبيل الناقوس"، تاج العروس "4/ 262 وما بعدها".
5
حنت قلوصي بها والليل مطرق ... بعد الهدو وشاقتها النواقيس
ديوان المتلمس "178"، "طبعة فولرس" "لايبزك 1903".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 12 صفحه : 234