نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 11 صفحه : 52
التغليب[1]، وعلى الذهاب إلى أن هذا المركز الذي يحتله القمر في ديانة العربية الجنوبية لا نجده في أديان الساميين الشماليين، مما يصح أن نجعله من الفروق المهمة التي تميز الساميين الجنوبيين عن الساميين الشماليين[2].
ويرجع أولئك المستشرقون هذا التباين الظاهر بين عبادة الساميين الجنوبيين وعبادة الساميين الشماليين وتقديم القمر على الشمس عند العرب الجنوبيين إلى الاختلاف في طبيعة الأقاليم وإلى التباين في الثقافة، ففي العربية الجنوبية يكون القمر هاديًا للناس ومهدئًا للأعصاب، وسميرًا لرجال القوافل من التجار وأصحاب الأعمال في الليالي اللطيفة المقمرة، بعد حر شديد تبعثه أشعة الشمس المحرقة، فتشل الحركة في النهار، وتجعل من الصعب على الناس الاشتغال فيه، وتميت من يتعرض لأشعتها الوهاجة في عز الصيف القايظ. إنها ذات حميم حقًّا، فلا عجب إذا ما دعيت بـ"ذت حمم"، "ذات حميم"، "ذات الحميم" عند العرب الجنوبيين، ولذلك لا يستغرب إذا قدمه العرب الجنوبيون في عبادتهم على الشمس، وفضلوه عليها. وإذا كانت الشمس مصدرًا لنمو النباتات نموًّا سريعًا في شمال جزيرة العرب، فإن أشعة الشمس الوهاجة المحرقة تقف نمو أكثر المزروعات في صيف العربية الجنوبية، وتسبب جفافها واختفاء الورد والزهر في هذا الموسم، فلا بد أن يكون لهذه الظاهرة أثر في العقلية التي كونت تلك الأساطير[3].
ويرى "هومل" أن ديانات جميع الساميين الغربيين والعرب الجنوبيين هي ديانة عبادة القمر أي أن القمر فيها مقدم على الشمس، وهو عكس ما نجده في ديانة البابليين. ويعلل ذلك ببقاء الساميين الغربيين بدوًا مدة طويلة بالقياس إلى البابليين. ويلاحظ أيضًا أن الشمس هي أنثى، وأما القمر فهو ذكر عند الساميين الغربيين، وهو بعكس ما نجده عند البابليين[4].
والاسم الشائع للقمر بين الساميين، هو: ورخ، و"سن" "سين"، وشهر. وشهر خاصة هو الاسم الشائع المستعمل للقمر في الكتابات الجاهلية التي [1] D. Nielsen, Die Altarabische Mondreligion. [2] Handbuch I, S. 213. [3] Handbuch. I, S. 213, Die Altarbische Mondreligion, s. 49, Die Sabatsche Gott Ilmukah, S. I. [4] Hommel, Grundriss, I, S. 85.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 11 صفحه : 52