responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 47
مهما كانت صغيرة أو كبيرة، مهندمة ومصقولة صقلتها يد الإنسان، ومستها أو لم تمسها يد، بل كانت على نحو ما وجدها في شكلها الطبيعي؛ لأنه حينما يتقرب إلى تلك الحجارة، لا يتقرب إليها نفسها، بل يتقرب إلى الروح التي تحل فيها. فالروح هي المعبودة، لا الحجر الذي تحل الروح فيه، وليس الحجر أو المواد الأخرى إلا بيتًا أو فندقًا تنزل الروح فيه.
أما عبادة الأسلاف Ancestor Worship فهي فرع من أهم فروع الدين في نظر بعض العلماء، بل هي الأساس الذي قام عليه الدين في نظر آخرين، ولا سيما عند "سبنسر" H. Spencer[1]. وأما الأسباب التي دعت البشر إلى هذه العبادة، فهي الحب والتقدير للأبطال والرؤساء والأمل في استمرار دفاعهم عنهم وحمايتهم للجماعة التي تنتمي إليها كما كانت تفعل في حياتهم ورد أذى الأعداء الأموات منهم والأحياء. فتمجيد الأبطال والخوف منهم، هو الذي حمل البشر على عبادة الأسلاف على رأي. وهناك من رأى أن تمجيد الأبطال والإشادة بذكرهم، هو الذي أوجد هذه العبادة، ومنهم من نسبها إلى الخوف منهم حسب[2].
وسواء أكان منشأ هذه العبادة الحب والتقدير أو الخوف أو كلاهما، فإن أساس هذه العقيدة هو الإيمان ببقاء الروح، روح الميت، وإن بإمكان هذه الروح نفع الأحياء أو إلحاق الأذى بهم. ورؤية الأحياء وسماع توسلاتهم ودعواتهم لها فالميت وإن كان قد دفن في قبره وغيب بين التراب، إلا أنه يسمع ويعي فروحه حية وبإمكانه النفع والضر. وهذه العقيدة هي التي حملت بعض الشعوب على مخاطبة الأرواح من فجوات مخصوصة في الأرض ومن مواضع أخرى لاستشارتها في بعض الأمور التي تهمها، وللتحدث معها في مسائل خطيرة كتقديم مشورة أو أخذ رأي أو استفسار عن اسم قاتل أو سارق ولهذه الغاية اتخذت مواضع مقدسة oracle يتقرب فيها إلى الأرواح وللاستفسار منها فكان في اليونان مثلًا موضع شهير عرف باسم Thesprotia، وموضع آخر عرف باسم Phigalia في "أركاديا" Arcadia[3]. وكان في إيطاليا موضع للتنبوء يقع على بحيرة.

[1] Ency. Relig, I, pp. 425, 427.
[2] Jovons, Intrudction to History of Religion. P. 54.
[3] Herodothus, V, 92, Pausanus, III, 17, 8, 9.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست