responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 31
العقول النيرة التي هزأت بالأوثان وبديانات قومهم. وإن رجالًا منهم كانوا على الحنيفة، يريدون بها ديانة التوحيد، وإن آخرين بشروا بالوثنية، وأشاعوها بين العرب، لما كان لهم من مكانة ونفوذ. وإن رجالًا من الجاهليين كانوا على ملة اليهودية ودين المسيح. وإن قومًا من أهل الجاهلية كانوا على عبادة "الله" و"الرحمن"، وكل المذكورين كانوا ممن مهد الجادة إذن لظهور الإسلام.
وقد أدى ظهور الإسلام إلى ظهور مصطلحات جديدة وموت مصطلحات قديمة، وصارت هذه المصطلحات من علائم الوثنية. ولا بد لنا للوقوف على صورة أوضح للحياة الدينية عند الجاهليين من وجوب دراسة الألفاظ الجاهلية ذات المعاني الدينية بجمعها وتبويبها وتثبيت معانيها، فبهذه الدراسة نستطيع الوقوف على مبلغ تغلغل الحياة الدينية في نفوس الجاهليين، ومعرفة مدى تعمقهم في الدين وفهمهم له.
ومن الدراسات التي يجب أن تنال منا الرعاية والعناية لمعرفة الحياة الدينية وتطورها عند الجاهليين معرفة صحيحة، دراسة المصطلحات الدينية بحسب اللهجات العربية، وأماكن تلك اللهجات، وأسماء الأصنام أو الأوثان، ومعتقدات سكان تلك الأرضين في هذه الأيام، فإن دراسة مثل هذه تفيدنا فائدة كبيرة في معرفة أسس الحياة الدينية عند الجاهليين، وفي معرفة اختلاف العرب أو اتفاقهم في العقائد وفي الأمور الدينية، ومعرفة العوامل والأسباب التي أدت إلى ذلك، ثم معرفة المؤثرات الخارجية في الحياة الدينية للجاهليين. وبتثبيت هذه وأمثالها وبمقارنتها بأسماء أصنام الأقوام المجاورة وآلهتهم ومصطلحاتهم، نستطيع فهم كثير من الأمور الغامضة من الحياة الدينية عند العرب وعند تلك الأقوام، وفهم الاحتكاك العقلي والصلات الروحية التي كانت بين تلك الشعوب قبل الإسلام.
إن الأخباريين عفا الله عنهم، لم يعنوا بتنسيق هذا الذي توصلوا إليه ورووه لنا من آراء الجاهليين في الدين. فرووا روايات مختلفة متناقضة أو مقتضبة اقتضابًا مخلًّا وجاءوا بأمور تثبت أن أولئك الأخباريين لم يكونوا على مستوًى عالٍ من النقد والتعمق في دراسة الأخبار، وأنهم كانوا يروون أخبارهم بالمعنى المفهوم من الأخبار، يأخذون ما يقال لهم فيروونه على نحو ما سمعوه وإن كان فيما يروونه ما يخالف المنطق والفهم السليم. والاستسلام للروايات داء يذهب بالفائدة منها، ويعود على المؤرخ بأفدح الأضرار. ولهذا نجد أنفسنا في موضوع أديان العرب.

نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست