responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 28
بها قدماء البشر، مع أنهم من الشعوب المتقدمة في الحضارة وفي المدينة، ومن القرن الذي نفتخر بتسميته بقرن العقوق على الأمم، والهروب منها إلى بيوت أخرى، تكون بعيدة عنها، سانحة في هذا الفضاء.
وقد يصعب على الإنسان اليوم تصور وجود فائدة أو ضرر من أشياء جامدة لا يمكن قطعًا أن تضر أو تنفع، ولكن القدماء تصوروه مع ذلك واعتقدوه. فقدسوا الأحجار والأشجار والحيوانات، وقدسوا الأرواح والأموات من الآباء والأجداد والقديسين، وتعبدوا لها. ولهذه العبادات أسماء علمية خاصة اصطلح على تسميتها العلماء.
والدين هو إيمان وعمل: إيمان بوجود قوى هي فوق طاقة البشر، لها تأثير في حياته وفي مقدراته، وعمل في أداء طقوس معينة تعين شكلها الأديان للتقرب إلى الآلهة ولاسترضائها. والإيمان هو قبل العمل بالطبع، فلا بد للقيام بالشعائر، أو بأداء العمل، من وجود إيمان عند الشخص أو الأشخاص بوجود إله أو آلهة. حتى يقوم بعمل ديني[1] فالعمل تابع للإيمان، ونتيجة من نتائجه، وهو شعاره ومظهره. وهو أبرز عند الأقوام البدائية من الإيمان لدرجة عقليتها ومجال تفكيرها الضيق. ومن العمل: الرقص، والأفراح الدينية، والسحر، والقرابين، والحج، والصلوات[2].
وقد أقر الإسلام أشياء من أمور الدين كان يمارسها الجاهليون في جاهليتهم؛ لأنها لا تتعارض مع مبادئ الإسلام. ودراسة أمثال هذه الأشياء توضح لنا نواحي خافية علينا في الزمن الحاضر من الحياة الدينية عند الجاهليين، لذلك أرى من الضروري تتبع هذه الأشياء لتدوين تأريخ صحيح للدين عند الجاهليين. وأرى من الضروري كذلك تتبع الأساطير والعادات الموروثة التي لها صلة وعلاقة بالدين الجاهلي بين الأعراب والحضر في كل أصقاع جزيرة العرب، ولا سيما القرى العربية النائية عن العمران المنعزلة عن الأعاجم، فإن معظم هذه الأساطير والتقاليد هي من بقايا الوثنية العربية القديمة، بقيت جذورها ثابتة راسخة في الأفئدة حتى اليوم.

[1] The Golen Bough, p. 50, Abridged Edition.
[2] Ency. Brita, vol. 19, p. 108.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست