responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 220
أتباعهم، وساروا بموجبها وبقي بعض منها إلى الإسلام. غير أن تلك الفتاوى لم تكن عامة، شملت كل العرب، بل حتى كل قوم ذلك المفتي أو الإمام؛ إذ لم تكن عند العرب سنة واحدة ملزمة لسبب أنهم كانوا شيعًا وقبائل ولكراهتهم الخضوع للقيود العامة إلا كرهًا، وذلك في الأمور التي لا بد لهم من الخضوع لحكمها لأنها من أصول الأعراف التي يقوم عليها وجودهم مثل عرف الأخذ بالثأر.
ومن الصعب تصور وجود طبقة خاصة كبيرة لرجال الدين على نحو ما كان عند المصريين مثلًا أو الآشوريين أو البابليين أو اليونان أو الرومان أو في الكنيسة، بسبب النظام القبلي الذي كان غالبًا على جزيرة العرب. وصغر المجتمعات الحضرية. فالأصنام هي أصنام محلية، أصنام قبلية، لذلك كان عبدتها هم عبدة القبيلة أو القبائل المتعبدة لها. وفي محيط اجتماعي ضيق مثل هذا المحيط، لا يمكن ظهور طبقة خاصة برجال الدين ذات نفوذ واسع، إنما تكون قدرتها بقدرة المحيط الذي تعيش فيه. ولما كانت حياة البداوة حياة بسيطة غير معقدة، تعذر علينا أن نتصور حياة دينية معقدة عند أبناء البادية. وكل ما يمكن وجوده عندهم، هو ما كان له علاقة بمحيطهم وبمعيشتهم البسيطة، مثل السدانة والكهانة وأمثال ذلك مما يحتاج إليه البدوي لحل مشكلات حياته ولجلب السعادة له.
ولم أجد في نصوص الجاهليين ولا في أخبار أهل الأخبار، ما يفيد قيام رجال الدين من أهل الجاهلية. بتلقين الناس أصول الدين وتعاليمه، أو شرح نصوص دينية لهم أو تعليمهم الناس مبادئ القراءة والكتابة في المعابد على نحو ما كان يفعله اليهود والنصارى في ذلك الوقت. ولكن هذا لا يكون دليلًا على نفي وجود شيء من ذلك عندهم. فقد يجوز أن يعثر في المستقبل على نصوص تفيد بوجود ذلك عندهم. ذكر أن رجلًا من "خثعم" قال: "كانت العرب لا تحرم حلالًا ولا تحلل حرامًا. وكانوا يعبدون الأوثان ويتحاكمون إليها"[1].
وفي القرآن الكريم آيات مثل: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}

[1] ابن عساكر، التأريخ الكبير "1/ 317".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست