responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 218
وعرف "عثمان بن مظعون" بتبتله، حتى إنه ابتعد عن زوجه، فلم يقربها، وكاد أن يختصى، حتى نهاه عن ذلك رسول الله، وكان على هذا الرأي في جاهليته من شدة التمسك بالزهد عن الدنيا والابتعاد عن ملذاتها، وقد كان نصرانيًّا متأثرًا بالرهبانية، أخذ آراءه هذه من زهاد النصارى، الذين غلب التصوف عليهم، وابتعدوا عن الدنيا، ورأوا أن الخلاص من الخطيئة والإثم، هو بالتقشف والابتعاد عن كل حلو محبوب في هذه الدنيا[1].
وقد عرفت الجاهلية رجالًا آخرين كانوا مثل عثمان بن مظعون والرهبان في التأمل والتفكر والابتعاد عن الناس. وهي رهبانية حاربها الإسلام؛ إذ نهى عن الرهبنة. رأى "عمر" رجلًا مطأطئًا رأسه، فقال: ارفع رأسك، فإن الإسلام ليس بمريض. ورأى رجلًا متماوتًا، فقال: لا تمت علينا ديننا، أماتك الله.
ونظرت عائشة إلى رجل كاد يموت تخافتًا، فقالت: ما لهذا؟ قيل: إنه من القراء، فقالت: كان عمر سيد القراء، وكان إذا مشى أسرع، وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوجع[2]. وذكر أن عشرة من الصحابة اجتمعوا في بيت "عثمان بن مظعون"، واتفقوا على أن يصوموا النهار، ويقوموا الليل ولا يناموا على الفراش، ولا يأكلون اللحم والودك. ويلبسوا المسوح، فسمع رسول الله بهم فنهاهم عن ذلك[3].
و"الصارورة" والصرار الذين تبتلوا وتركوا النكاح. وهذا من فعل الرهبان. وهو معروف عند العرب. والصرورة الرجل في الجاهلية يحدث حدثًا فيلجأ إلى الكعبة. فلا يهج فكان إذا لقيه ولي الدم في الحرم، قيل له هو صرورة ولا تهجه، تعظيمًا للبيت واحترامًا له[4].
ومثل "صرمة" المعروف بـ"أبي قيس"، وكان ترهب في الجاهلية واغتسل من الجنابة، وهمَّ بالنصرانية ثم أمسك. وكان قوالًا بالحق لا يدخل بيتًا فيه جنب ولا حائص إلى أن أدرك الإسلام، فأسلم[5]. ويظهر من ذلك،

[1] إرشاد الساري "8/ 10 وما بعدها".
[2] اللسان "2/ 94"، "موت".
[3] الطبرسي، مجمع البيان "3/ 236".
[4] اللسان "4/ 453"، "صرر"، تاج العروس "3/ 331"، صرر".
[5] الإصابة "2/ 176"، "رقم 4061".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست