responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 194
اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [1]. وقد ذكر المفسرون أن من الجاهليين من كان يزرع لله زرعًا وللأصنام زرعًا، فكان إذا زكا الزرع الذي زرعوه لله ولم يزك الزرع الذي زرعوه للأصنام، جعلوا بعضه للأصنام وصرفوه عليها، ويقولون إن الله غني والأصنام أحوج، وإن زكا الزرع الذي زرعوه للأصنام، ولم يزك الزرع الذي زرعوه لله لم يجعلوا منه شيئًا لله. وقالوا هو غني.
وكانوا يقسمون الغنم، فيجعلون بعضه لله، وبعضه للأصنام، فما كان لله أطعموه الضيفان، وما كان للصنم أنفقوه على الصنم. وكانوا إذا اختلط ما جعل للأصنام مما جعل لله تعالى ردوه، وإذا اختلط ما جعل لله بما جعل للأصنام تركوه. وقالوا الله أغنى. وإذا هلك ما جعل للأصنام، بدلوه مما جعل لله، وإذا هلك ما جعل لله لم يبدلوه بما جعل للأصنام[2].
فهم يتطاولون على ما خصصوه لله من نصيب، ويتصرفون به كما يشاءون، ويحافظون على ما خصصوه للأصنام، بزعمهم أنها شركاء لله، ويقدمونه لها. ولعل ذلك بسبب أن ما كان يخصصونه للأصنام كان يجد له معقبًا وسائلًا، يراجع أصحاب الحرث أي الزرع وأصحاب الأنعام لاستحصال حق الأصنام منهم. وهو حق مفروض، وهم السدنة ورجال الأصنام، فكانوا يستحصلون حقوق الأصنام منهم، على حين كان ما يخصصونه لله نذرًا لا يعرف به غير الناذر، فكان يتلاعب به، ويعطيه أو يعطي جزءًا منه إلى جامعي حق الأصنام، على اعتبار أنها شريكة لله، وبذلك يتهرب من أداء النذر كاملًا بهذه الحيلة الشرعية، فلا يستخرج من ماله الذي خصصه لنفسه شيئًا عن الوفاء بالنذر وفاء تامًّا، أو لاعتقادهم أن الله بعيد عنهم، وهو غفور رحيم، أما الأصنام، فقريبة منهم، وهي منتقمة أشد الانتقام.
ويتبين من دراسات النذور عند الشعوب القديمة أنها كانت نتيجة حاجة، وتصور الإنسان أن بإمكانه التأثير على آلهته بهذه النذور، فيجعلها تميل إلى إجابة طلبه

[1] الأنعام، الأية 136.
[2] تفسير الطبرسي "8/ 369 وما بعدها"، تفسير الطبري "8/ 30 وما بعدها"، روح المعاني "8/ 28"، تفسير التبيان، للطوسي "النجف 1960"، "4/ 307 وما بعدها"، القرطبي، الجامع "7/ 89"، الكشاف "1/ 471".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست