نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 11 صفحه : 142
بأن يذهب به إلى الصنم ود ليسقيه، فكان مالك يشربه سرًّا ويبخل به على صنمه[1]. وإذا صح خبر ابن الكلبي هذا، فإنه يدل على "حارثة"، وربما غيره أيضًا من عبدة الأصنام، كان يرى أن الصنم يعقل ويدرك، يسمع ويرى، وأنه وإن كان من حجر، إلا أنه ذو روح. كما ورد أن من المشركين من كان يرى أن الشمس ملك من الملائكة ذات نفس وعقل[2].
ويتبين من تشديد النبي في تسوية القبور مع الأرض، ومن لعن المتخذين على القبور المساجد والسُرُج، ومن النهي عن الصلاة إلى القبور، ومن حديث: "اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"[3]، إن المشركين كانوا يقدسون قبور اسلافهم، ويتقربون إليها، لزعمهم أنهم أحياء، لهم أرواح، تعي وتسمع وتدرك، وتفرح تغضب وتجيب، وتنفع وتضر، ولهذا حاربها الرسول، وأمر بتسوية القبور، إبعادًّا عن أمر الجاهلية في ذلك، وخشية العودة إلى ما كانت عليه: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [4]، تعبير عن معنى هذه المشاركة وعن رأيهم في عبادة الأصنام. [1] بلوغ الأرب "2/ 214". [2] بلوغ الأرب "2/ 215". [3] بلوغ الأرب "2/ 214". [4] الزمر، الرقم 29، الآية 3.
الرجعة:
واعتقد قوم من العرب في الجاهلية بالرجعة: أي الرجوع إلى الدنيا بعد الموت فيقولون أن الميت يرجع إلى الدنيا كرة أخرى ويكون فيها حيًّا كما كان[1].
ولعل هذه العقيدة هي التي حملت بعض الجاهليين على دفن الطعام وما يحتاج الإنسان في حياته إليه مع الميت في قبره، ظنًّا منهم، أنه سيرجع ثانية إلى هذه الدنيا، فيستفيد منها، فلا يكون معدمًا فقيرًا. ويفهم من كتب الحديث أن من الناس. [1] تاج العروس "5/ 348 وما بعدها"، "رجع"، "والرجعة: مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم. ومذهب طائفة من فرق المسلمين من أولي البدع والأهواء، يقولون إن الميت يرجع إلى الدنيا ويكون فيها حيًّا كما كان"، اللسان "8/ 114"، "رجع".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 11 صفحه : 142