responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 114
وبينما نجد أهل الأخبار ينسبون إلى هؤلاء الشعراء وأمثالهم الاعتقاد بالله، نجدهم ينسبون إليهم، الحلف بالأصنام، والاعتقاد بها. فقد نسبوا إلى "خداش بن زهير" شعرًا آمن به بالله، ثم نسبوا له قوله:
وَبِالمَروَةِ البَيضاءِ يَومَ تَبالَةٍ ... وَمَحبَسَةِ النُعمانِ حَيثُ تَنَصَّرا
والمروة البيضاء هي ذو الخلصة، ثم هو يقسم بمحبسة النعمان، وهو نصراني[1]. أفلا يدل هذا على وجود تنافر أو تناقض في عقيدة أمثال هؤلاء الشعراء؟ والذي لا وقوف له على طبائع أهل الجاهلية، يرى هذا الرأي، أو يذهب إلى أن هذا الشعر مصنوع مفتعل. أما الذي يعرف عادة العرب في القسم، فلا يستغرب منه ولا يرى فيه تنافرًا، فقد كان الجاهليون يقسمون بكل شيء، يقسمون بالشجر وبالحجر وبالكواكب، وبالليل وبالنهار، وبالأصنام، وبعمر الإنسان وبحباتهم وبلحى الرجال، وبالأصنام وبالمعابد، وبالله، وبالخبر والملح، لا يرون في ذلك بأسًا ولا تناقضًا مع عقيدتهم. هذا "عدي بن زيد" العبادي، يقسم بمكة، وهو نصراني، لا يرى للكعبة في دينه حرمة ولا مكانة. أقسم بها على قاعدة العرب في القسم، وقد أقسم بأمور أخرى من أمور أهل الجاهلية الوثنيين، ولم يذكر أحد أنه بذل دينه، وصار وثنيًّا. وكذلك الأمر مع غيره من شعراء نصارى ويهود وعبَّاد أصنام، أقسموا برهبان النصارى وبأمور نصرانية، مع أنهم كانوا عبَّاد أوثان.
ومن القائلين بالرأي الأخير، "نولدكه" فقد ذهب إلى أن رواة الشعر وحملته في الإسلام هم الذين أدخلوا اسم الجلالة في هذا الشعر، وذلك بأن حذفوا منه أسماء الأصنام، وأحلوا محلها اسم الله. فما جاء فيه اسم "اللات" حل محله اسم "الله"[2]. وقد ذهب أيضًا إلى أن رواة الشعر في الإسلام حذفوا من شعر الجاهليين ما لم يتفق مع عقيدتهم، وما وردت فيه أسماء الأصنام. ومن جملة ما استدل به على أثر التغيير والتحريف في الشعر الجاهلي ورود كلمة "الرحمن" في شعر شاعر جاهلي من هذيل، زعم أن ورود هذه الكلمة في هذا الشعر دليل.

[1] شرح ديوان لبيد "21".
[2] Noldeke, Beltrage s, IX, ff,
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست