responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 10  صفحه : 153
كتابات في اليمن وفي بقية العربية الجنوبية قد تكشف النقاب عن وجود مثل هذه الوظائف هناك؛ وذلك لأن الحكومات التي ظهرت فيها كانت حكومات منظمة, لها شرائع، ولها صلات مع العالم الخارجي، فلا يستبعد تعيينها أناسًا عرفوا بالكياسة وبالرأي السديد وبالعلم في الفقه للحكم بين الناس ولوضع القوانين التي تحتاج إليها الحكومة.
إن عدم تدوين الجاهليين لفقههم، أو عدم وصول شيء مدون منه إلينا، لا يكون دليلًا على عدم وجود فقه لديهم أو على عدم وجود منطق فقهي لديهم أو يكون دليلًا على سذاجة فقههم وبداءته، فإن انعدام التدوين لا يكون دليلًا على عدم وجود رأي فقهي عند قوم، فقد كان أهل "لقدمونيا" مثلًا وهم من اليونان "يميلون إلى الاعتماد على ذاكرتهم يستحفظونها من الأنظمة ما يعتدونه قوانين واجبة المراعاة"[1]، عكس أهل "أثينة" الذين كانوا ضدهم، فإنهم كانوا يدوّنون القوانين ويكتبونها للرجوع إليها[2]. وقد أخذت أحكام "لقدمونيا" الشفوية في التشريع بنظر الاعتبار واعتبرت في المدونات القانونية.
ولا بد أن يكون بين الجاهليين "تعامل" و"عرف" متبع في أمور عديدة من أمور الحياة التي عاشوا فيها في مثل حقوق مرور القوافل من مناطق نفوذ القبائل، وحقوق الجباية عن الأموال المستوردة أو المصدرة وفي موضع العقوبات وما شاكل ذلك.
وقد ذكرت بأن العلماء قد عثروا على بعض كتابات هي أوامر ملكية في الجباية، فلا يستبعد عثورهم في المستقبل على ألواح ومدونات في الفقه.
ومكان مثل مكة اشتهر أهله بالحذق في التجارة وبثراء بعضهم ثراء كبيرًا، وبتعاملهم مع الشرق والغرب، ومع الساسانيين ومع البيزنطيين ومع اليمن، وباكتنازهم الذهب والفضة، وبعقدهم العقود وبوجود الكتّاب بينهم، وبوجود الرقيق الأبيض عندهم، من ذلك النوع الذي يقرأ ويكتب والذي له وقوف على كتب الأولين، إن مكانًا مثل هذا لا يمكن أن يكون بلا فقه وبلا قوانين ومحاكم يتحاكمون بها. وكيف يكون ذلك وقد خاطب الله رسوله بقوله:

[1] مدونة جوستنيان "ص10".
[2] المصدر نفسه.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 10  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست