نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 10 صفحه : 151
علمية تحليلية، فإن لهذه الدراسة شأنًا كبيرًا في دراسة التشريع العربي في الجاهلية.
وللسنة أهمية كبيرة في الفقه الجاهلي. والمراد بها: الطريقة، وترد في القرآن {سُنَّةُ الْأَوَّلِين} [1] و {سُنَّةَ اللَّه} [2].
وترد لفظة "السنن" في الموارد الإسلامية. وكذلك "السنة" التي هي المورد الثاني في الفقه الإسلامي تستنبط منه الأحكام بعد القرآن. ولا بد أن تكون لها نفس المكانة عند الجاهليين[3]. وقد ورد في القرآن الكريم: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} [4]، دلالة على مكانة سنة الآباء في عقلية الجاهليين. فما ورد في سنتهم هو قانون يعمل به. وورودها بهذا المعنى يدل على أنها كانت تؤدي معنًا خاصًّا عند الجاهليين. ولعلها كانت مصطلحًا من مصطلحات الفقه عندهم.
وسنة الجاهليين هي طريقتهم في الحياة وما ورثوه عن آبائهم من عرف وأحكام، وما قرروا السير عليه من قوانين القبيلة في تنظيم حقوق القبيلة والأفراد، وما يقرره عقلاؤهم من قرارات لا تغير ولا تبدل إلا للضرورة وبقرار يصدره أصحاب العقل والبصيرة والرأي والسَّنِّ فيها. ولا يزال العمل بها حتى اليوم. ويقال لها: "السانية" في اصطلاح قبائل العراق.
وأقصد بـ"الدين" ما كان يدين به أكثر الجاهليين من شريعة التعبد للأوثان والتقرب للأصنام، فقد وضع سدنة المعابد والكهان أحكامًا لأتباعهم على أنها أحكام ملزمة يكون مخالفها في حكم المخالف للعرف. وهي بالطبع أقوى وأظهر عند أهل الحضر، لمساعدة محيطهم على ظهور الشعور الديني الجماعي فيه، عكس محيط البداوة الذي تباعد فيه أهله، وتبعثرت بيوته، فلم يساعد على ظهور هذا الشعور الديني الجماعي فيه.
وبين الجاهليين يهود ونصارى، مهما قيل في يهوديتهم أو نصرانيتهم من العمق أو الضحالة، فإنه لا بد أن يكون لدياناتهم دخل في تنظيم حياتهم وفي أحكام مجتمعاتهم ولا سيما فيما يخص قوانين الأحوال الشخصية المقررة في الديانتين. [1] الأنفال 38، الحجر 12، فاطر 43، الكهف 55. [2] الأحزاب، 38، 62، فاطر 43. [3] Law In The Middle East, P.35. [4] الكهف 55.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 10 صفحه : 151