نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 10 صفحه : 149
لأنهم قاموا بغزو رجعوا منه بغنائم كثيرة، أعطوا منها نصيبًا كبيرًا، فلكي يقف أهل المدينة على كيفية توزيع الغنائم، وكمياتها دوّنت تلك الكتابة.
وتلعب أبواب المدن دورًا خطيرًا في أصول التشريع عند الساميين. فقد كانت موضع إعلان القوانين، ومحل إبلاغها للناس، فهي بمثابة "الجرائد الرسمية" المخصصة بنشر القوانين في عرف هذا اليوم. وهي مواضع المحاكمة أيضًا، حيث يجلس الحكام للنظر في خصومات المتخاصمين. وهي مواضع عقد العقود أيضًا، من بيع وشراء. ويصف الإصحاح الرابع من سفر "راعوت" لنا، كيف أن "بوعز" جلس عند باب المدينة وأمر عشرة من شيوخ المدينة ليكونوا شهودًا لإجراء عملية بيع وشراء[1].
ومما يلاحظ على القانوني القتباني أنه أخذ بمبدأ أن تنفيذ القوانين هو حق من حقوق "الملك"، أو من يخوله حق التنفيذ. ويراد بـ"الملك" الدولة، أو ما يسمى بـ"السلطان" في الفقه الإسلامي، فلا يجوز لأي أحد غير مخوّل تخويلًا قانونيًّا من الملك, أي: الدولة تنفيذ قانون أو أخذ أي حق مدعٍ بدون إذن رسمي من مرجع قضائي وسلطة مخولة، فالدولة وحدها هي التي تنظر في أمر الخصومات وفيما يقع بين الناس من خلاف. وهي وجهة نظر كل حكومة متحضرة، تريد إشاعة العدل والأمن في حدودها والقضاء على الفوضى والفتن التي قد تقع فيما لو قام كل إنسان بأخذ ما يدعيه من حق لنفسه بنفسه، وبدون مراجعة حكومة وسلطان.
وأنا إذ أستعمل لفظة الفقه الجاهلي، فلا أعني أن الجاهليين عامة، كانوا كلهم يسيرون وفق فقه واحد وأحكام واحدة تطبق على جميعهم، تطبيق الأحكام العامة في الدولة الواحدة. فكلام مثل هذا لا يمكن أن يقال بالنسبة إلى الجاهلية.
فقد كان الجاهليون قبائل في الغالب، وهم أهل الوبر. وللقبائل أعراف وأحكام تتباين بتباين الأمكنة، من انعزال في البادية أو قرب من الحضر أو اتصال بالأعاجم. وأما أهل المدر. فمنهم من كان يعيش في قرية والحكم فيها لا يتجاوز حدود القرية، ومنهم من عاش في ممالك أو إمارات، والحكم فيها لم يبلغ كل جزيرة العرب بأي حال من الأحوال. وقد انحصرت أحكامها لذلك في الحدود [1] راعوت، الإصحاح الرابع، الآية الأولى وما بعدها.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 10 صفحه : 149