responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 10  صفحه : 143
مثل هذه الأماكن على مثال قوانين "جوستنيان" مثلًا، أو القوانين التي سنَّها الأكاسرة. فمثل هذه القوانين والأنظمة الدقيقة المنظمة المبوبة لا يمكن أن تظهر إلا في المجتمعات السياسية المنظمة المعقدة التي تهيمن عليها حكومة ذات مجتمع منظم يشعر بحاجته إلى حكم منظم يعين حقوق الحكام وحقوق المواطنين.
وغير أنَّ هذا لا يعني عدم وجود أحكام لردع المخالفين والزائغين، وعدم وجود أحكام لتنظيم العلاقات في المجتمع، وتعيين حقوق الحكام والمحكومين، وعدم وجود أناس لهم علم بعرف البلاد، فلكل مجتمع مهما كانت حالته من السذاجة قوانين وأناس لهم علم بتطبيق تلك القوانين على المخالفين. والقوانين في المجتمعات الصغيرة البسيطة، هي العرف والعادة المتوارثة عن الآباء والأجداد. وإذا كانت مثل هذه المجتمعات لا تملك محاكم دائمة ذات موظفين وسجلات وقوانين ثابتة مكتوبة على نمط المحاكم لهذا العهد، فإنها تملك في الواقع محاكم، وتملك حكامًا. ففي المدن مثل: مكة ويثرب، وهي مدن تحكم نفسها بنفسها، ونستطيع أن نسمي حكوماتها بحكومات مدن، يحكم الرؤساء والأشراف المدينة، ويفضون المنازعات وفق العرف والعادة. يجتمعون في مكان معين، مثل: "دار الندوة"، أو في المعبد، أو في بيوت الوجهاء، للنظر في الخصومات وفي المشكلات التي تقع في البلد. ويتولى رؤساء الشعب، أي: الحارة والمحلة فَضَّ المنازعات التي تنشأ بين أفراد الشعب في الغالب. أما إذا وقعت الخصومات بين أبناء شعاب مختلفة، فقد يتفق رؤساء المحلات عن فَضِّ الخصومة بينهم باللجوء إلى محكمين يختارونهم من غيرهم ممن يرضى عنهم المتخاصمون ويكونون في نظرهم محايدين لا علاقة لهم بهذا النزاع. وقد يحال النزاع على رؤساء البلد أو الحي للنظر فيه. ويشترط بالطبع على المتخاصمين كلهم الإذعان لقضاء الحكام، والتسليم بما يحكمونه من حكم.
ولسذاجة الحياة وعدم تعقدها في معظم أنحاء جزيرة العرب، كانت طبيعة التشريع عند الجاهليين ساذجة غير معقدة, والقوانين قليلة تتناسب مع طبيعة حياة ذلك العهد، تقتصر على المشكلات التي تحدث في مثل تلك البيئة وفي ظروف تشبه تلك الظروف، فلا نرى لذلك قوانين معقدة عديدة في معالجة مشكلات الأرض ومشكلات الصناعة والاقتصاد وتنظيمات المدن الكبيرة، وما يتكون ويتولد فيها من إجرام ومخالفات.
ولما كانت الطبيعة الأعرابية، هي الطبيعة التي تغلبت على حياة أكثر سكان

نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 10  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست