responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 1  صفحه : 279
وعن شعور بضعف تجاه تقبل الحياة الجديدة، وإنما يقاومه لأنه يشعر عن غريزة فيه أن حياته أفضل وأن البداوة حرية وانطلاق وعدم تقيد، وأن التطور إن لم يأتِ منه، فهو شرّ وبلاء، وأن كيانه مرتبط بتقاليد، وأن وجوده من وجود آبائه وأجداده، فهو إن انحرف عن عُرفه عرّض نفسه وأهله وقبيلته وكل وجود قومه للهلاك، فهو لذلك يرفض كل تجديد وتغير وإن بدا لنا أو له أنه لمصلحته، لغريزة طبيعية فيه وفي كل إنسان، هي غريزة المحافظة على البقاء، فخوفه من تعرض تقاليده وكيانه للخطر، هو الذي جعله محافظًا شديد التمسك بالعرف والعادة. أما إذا شعر هو أو أشعر من طريق غير مباشر بفائدة التطور والتغيير وبما سيأتيه من نفع وربح، ولا سيما إذا لم يكن في التغيير ما يعارض عرفه ولا يناقض تقاليده، فإنه يتقبله ويأخذه، ويظهر مقدرة ومهارة فيه، حتى في الأمور الفنية الحديثة الغريبة عنه. ويروي خبراء شركات البترول كثيرًا من القصص عن مقدار براعة البدو وحذقهم في إدارة الآلات والأعمال التي وُكّلت إليهم. وهناك شهادات أخرى مماثلة وردت من جهات فنية أخرى. ولو تهيأ لهؤلاء البدو مرشدون وخبراء عقلاء كيّسون لهم علم بنفسياتهم، ولو عرفت الحكومات العربية عقلياتهم ومشكلاتهم، لكان في الإمكان تحويلهم إلى ثروة نافعة لا تقدّر بثمن، ولتجنّبت بذلك المشكلات التي تواجهها منهم[1].
حتى الطب، هو في البادية طب بدوي متوارث لا يتغير ولا يتبديل، يقوم على المداواة بتجارب "العارفة" في الطب. ولا يطمئن الأعرابي إلى طب أهل الحضر، مهما فتكت به الأمراض وأنزلت به من آلام، ذلك لأن طب أهل الحضر هو طب غريب عليه بعيد عنه؛ فهو لذلك لا يطمئن إليه. اللهم إلا إذا أقبل عليه رؤساؤه وساداته، أو أقنع بمنطقه وبطريقة إدراكه هو للأمور أن في الدواء الذي يداوي به شفاءً لمرضه، وعندئذ يقبل عليه ثم يزيد إقباله عليه، حتى يكون مألوفًا عنده، بل يقوم في مثل هذه الحالات باختزان ما يمكن اختزانه من الدواء للمستقبل من غير أن يفكر في كيفية خزنه، أو في المدة المقدرة لعمر ذلك الدواء، وتلفه بعد انقضائها.
ووُصف الأعراب في القرآن الكريم بالغلظة والجفاوة وبعدم الإدراك وبالنفاق

[1] جان جاك بيرلي: جزيرة العرب "102".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 1  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست