نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 1 صفحه : 246
فيها مبالغة كبيرة، ويرى أنه ما دامت البحوث "الجيولوجية" التي قام بها العلماء في مراحلها الأولى، وقد جرت في مناطق محدودة فلم تفخص أكثر مناطق جزيرة العرب فحصًا علميًّا فنيًا، حتى الآن، فلا يصح الاعتماد على فرضيات، تبنى عليها آراء ثابتة. ولهذا فهو يرى أن الأدلة "الجيولوجية" التي استشهد بها "كيتاني" ضعيفة وغير كافية، فهي لا تستحق مناقشة، واكتفى بمناقشة الأدلة التأريخية[1].
يرجع "موسل" سبب الهجرات، وتحوّل الأرضين الخصبة صحاري، وإلى عاملين هما: ضعف الحكومات، وتحوّل الطرق التجارية[2]. فضعف الحكومات ينشأ عنه تزعم سادات القبائل والرؤساء، وانشقاقهم على الحكومات المركزية، ونشوب الفتن والاضطرابات واشتعال نيران الحروب، وانصراف الحكومة والشعب عن الأعمال العمرانية، وتلف المزارع والمدن، وتوقف الأعمال التجارية وحصول الكساد، وانتشار الأمراض والمجاعة، والهجرة إلى مواطن أخرى يأمن فيها الإنسان على نفسه وأهله وماله. فخراب سدّ "مأرب" مثلًا لا يعود إلى فعل الجفاف الذي أثّر على السدّ كما تصوّر ذلك "كيتاني"[3]، بل يعود إلى عامل آخر لا صلة له بالجفاف، هو ضعف الحكومة في اليمن، وتزعم "الأقيال" و "الأذواء" فيها، وتدخل الحكومات الأخرى في شئون العربية الجنوبية كالحبشة والفرس؛ مما أدى إلى اضطراب الأمن في اليمن، وظهور ثورات داخلية وحروب، كالذي يظهر من الكتابات التي تعود إلى النصف الثاني من القرن السادس للميلاد[4]، فألهى ذلك الحكومة عن القيام بإصلاح السد، فتصدعت جوانبه، فحدث الانفجار، فخسرت منطقة واسعة من أرض اليمن مورد عيشها الأول، وهو الماء، ويبست المزارع التي كانت ترتوي منه، واضطرت القبائل وأهل القرى والمدن الواقعة فيها إلى الهجرة إلى مواطن جديدة. وتصدّع السدّ بسبب ضغط الماء على جوانبه، هو في حد ذاته دليل على فساد نظرية الجفاف[5]. [1] MusU Negd, P., 304. [2] MusU, Negd, PP., 317. [3] MusU, Negd, P., 309, Caetani, Studi., 267, 296. [4] Corpus Inscriptionum Semiticarum, (1911) , Part, 4, Vol., 2, Nos. 384, 540, 641. [5] Musil, Negd, P., 310, Corpus Inscript. Semit, NO. 540, II, 54-64.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 1 صفحه : 246