responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 1  صفحه : 211
وفي هذه المواضع من العربية الجنوبية وفي الأودية وحافات الهضاب والجبال التي كانت تنبت بها تلك الموارد الثمينة، والتي لا تزال تنبت على الطبيعة، تشاهد كهوف ومغَاوِر غريبة وآبار وكتابات جاهلية بالمسند، وآثار مقابر تتحدث كلها عن قوم كانوا قد استوطنوا هذه الأماكن قبل الإسلام بزمان طويل[1]. أما الآن فهي خرائب، ترجو من الأحياء توجيه نظرهم إليها لإحيائها ولاستنطاق آثارها وكنوزها لتحدثهم عن ماضيها القديم.
وقد حبت الطبيعة اليمن بمزية جعلتها تحتضن كل النباتات المذكورة، وتنبت أكثرها أنواع المزروعات، وذلك بأنعامها عليها بجبال وبمرتفعات وبمنخفضات حارة رطبة، هيأت لها ثلاثة جواء، تنتج محصولات ثلاثة أنواع من المناخ: منتوج المناخ المرتفع البارد، ومنتوج المناطق المعتدلة، ومنتوج المناطق الحارة.
وقد عرف أهل اليمن الأذكياء كيف يستغلون تربتهم، فعلموا مدارج على سفوح جبالهم وعلى المرتفعات، أصلحوا تربتها، وذلك لحصر مياه المطر عند نزوله، ضمانًا لدخوله التربة وإروائها، وزرعوا تلك المدارج أو السلالم العريضة بمختلف المزروعات وذلك قبل الإسلام بأمد طويل، فأمنوا بذلك خيرًا وافرًا لهم، جعل اليمن من أسعد بلاد جزيرة العرب، فهي العربية السعيدة والعربية الخضراء بكل جدارة، وهي موطن الحضارة وأرقى مكان نعرفه في الجزيرة في أيام ما قبل الإسلام.
ومن النبات ما هو دخيل استورد من الخارج، من العراق أو من بلاد الشام، وقد احتفظ قسم منه باسمه الأعجمي القديم. ويظهر أن بعضه قد دخل بعد الميلاد. وقد يكون من المفيد دراسة نبات جزيرة العرب قبل الإسلام، لمعرفة الدخيل منه وكيفية وصوله إلى الجزيرة، كما يستحسن دراسة الكتابات الجاهلية لاستخراج ما ورد فيها من أسماء النبات.
وأما البوادي فإن ظروف الخصب والنماء فيها محدودة، تركزت في مواضع المياه وفي الأماكن الرطبة التي تكون المياه الجوفية فيها على حافة القشرة، وفي أعقاب الأمطار، حيث تخضر الأرض وتلبس حلة خضراء سندسية جميلة، لكن لبسها لا يدوم طويلًا، فسرعان ما تمزقها الرياح الجافة والأهوية الحارة، فتقضي

[1] Sanger, The Arabian Peninsula, p., 126.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 1  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست