responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 1  صفحه : 197
رمال الصحاري، غير عابئ بالرياح العاتية التي تَذْرُو الرمال في الأعين، وتنقل أكوامًا منها معها، تكفي لدفن الجمل ومن عليه أو من معه ومع ذلك فإن هذا الحيوان الصبور العنيد. لم يتوفق أيضًا في تحطيم جبروت البوادي في كل مكان؛ فظلّ بعضها أرضًا حراما عليه وعلى السابلة، تحطم من يريد التجاوز عليها والاعتداء على استقلالها، بأن تميته عطشا، فتفتح ذرات رملها الناعم، وعندئذ تغوص قوائم الجمل فيها فيبقى في مكانه حتى ينفق.
والجمل، هو أيضًا من أقدم الحيوانات التي سمعنا بها عند العرب، وأعزّها وقد صوّر في النصوص الأشورية، عند ذكر معركة "قرقر" ومعارك أخرى، وقعت بين العرب والأشوريين. وطبيعي أن يقرن الجمل بالبادية، وأن يُجعل رمزًا لها، فليس لحيوان آخر القدرة على اجتياز البوادي واختراقها وتحمل مشقّاتها وعطشها مثل الجمل. ثم إنه مركب العرب، يحملهم، ويحمل تجارتهم وماءهم، وهو ممونهم بالوبر لصنع البيوت حتى قيل للأعراب "أهل الوبر" ومنه يصنعون أكسيه عديدة. ولبن الإبل، هو لبن أهل البادية، وإذا احتاجوا إلى لحم، ذبحوا الجمل، فأكلوه، وأفادوا من جلده.
والجمل ثروة، والثري العربي هو من يملك عددًا كبيرًا من الإبل، وتقدّر ثروته بقدر ما يملكه منها. وقد كان الجمل مقام "النقد"، أي مقام الدينار والدرهم في الغالب؛ فبعدد من الإبل يقدر مهر الفتاة، وبعدد من الإبل تُفَضُّ الديات والخصومات. وهكذا يتعامل به كما نتعامل اليوم بالنقود.
ويرى العلماء أن الإنسان ذلّل الجمل حتى صيّره أليفًا مطيعًا له في الألف الثانية قبل الميلاد[1]. وقد ذهب بعضهم إلى أن العربية الشرقية كانت الموطن الذي ذلّل فيه هذا الحيوان في الشرق الأدنى، استدلوا على ذلك بإطلاق العراقيين القدماء على الجمل اسم "حمار البحر"، وقالوا إن قصدهم من "البحر" الخليج، وأن لفظة "الجمل" "جملو" "كَمَلو" في الأكادية"؛ إنما وردت من بادية الشأم، ومعظم سكان البادية هم من العرب، وقد كانوا يستعملون الجمل استعمال الناس للسيارات ولوسائل الركوب في هذا الزمن. وقد استعملوه في الألف

[1] W. F. Albright, Prom the Stone Age to Christianity, Baltimore, 1946, PP., 107, \ 120, Reinhard Waltz, Zeitschrift der Deutschen Morgenlandischen Gesellschaft, 101, 1951, S., 29, ff., 1954, S., 47. ff., Discoveries, P. 35.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 1  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست