نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 1 صفحه : 111
الأخبار من شرّ في النفوس ومن فتن قد تجدد تلك العصبيات الخبيثة التي حاربها الإسلام، لتمزيقها الشمل، وتفريقها الصفوف. "ومن ثم نهى الفاروق، رضي الله عنه، الناس بديأ أن ينشدوا شيئًا من مناقضة الأنصار ومشركي قريش وقال: في ذلك شتم الحي بالميت، وتجديد الضغائن، وقد هدم الله أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام، ومرّ عمر بحسان يومًا، وهو ينشد الشعر في مسجد رسول الله، فأخذ بأُذنه، وقال: أرغاء كرغاء البعير؟ فقال حسان: دعنا عنك يا عمر؛ فوالله لتعلم أني كنت أنشد في هذا المسجد مَنْ خير منك، فقال عمر: صدقت، وانطلق"[1]. ولم يأخذ عمر على حسّان رواية ذلك الشعر في مسجد رسول الله إلا لأنه كان من ذلك الشعر المثير للنفوس المهيج للعواطف، وإنشاده في نظره يعيد الناس إلى ما كانوا عليه من قتال قبل الإسلام. فللمصلحة العامة نهى بعض الصحابة عنه. ومع ذلك، تساهل عمر مع حسان، وتركه ينشد شعره، بعد أن حاجَّه حسان بما رأيت.
وهناك رواية أخرى تشرح لنا الأسباب التي حملت عمر على النهي عن رواية بعض الشعر الجاهلي، وهي أنه "قدم المدينة، في خلافة الفاروق، عبد الله بن الزبعرى وضرار بن الخطاب -وكانا شاعري قريش في الشرك- فنزلا على أبي أحمد بن جحش، وقالا له: نحبّ أن ترسل إلى حسان بن ثابت حتى يأتيك فتنشده وينشدنا مما قلنا له وقال لنا؛ فأرسل إليه، فجاءه. فقال له: يا أبا الوليد: هذان أخواك ابن الزبعرى وضرار قد جاءا أن يسمعاك وتسمعهما ما قالوا لك وقلت لهما. فقال ابن الزبعرى وضرار: نعم يا أبا الوليد، إن شعرك كان يحتمل في الإسلام ولا يحتمل شعرنا، وقد أحببنا أن نسمعك وتسمعنا. فقال حسان: أفتبدآن، أم أبدأ؟ قالا: نبدأ نحن، قال: ابتدئا. فأنشداه حتى فار فصار كالمرجل غضبًا، ثم استويا على راحلتيهما يريدان مكة، فخرج حسان حتى دخل على عمر، فقص عليه قصتهما وقصته. فقال له عمر: لن يذهبا عنك بشيء إن شاء الله، وأرسل من يردّهما، وقال له عمر: لو لم تدركهما إلا بمكة، فارددهما عليّ ... فلما كان بالروحاء، قال ضرار لصاحبه: [1] شرح ديوان حسان بن ثابت الأنصاري، لعبد الرحمن البرقوقي، القاهرة 1929 "ص. س. م"
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 1 صفحه : 111