بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
ازدهرت حركة التصنيف في بلاد المغرب1 في أيام الحكم الإسلامي. واتجه المصنفون في كتاباتهم اتجاهات متنوعة، فمنهم من كتب في التراجم والسير، ومنهم من اختص بالتواريخ والأحداث السياسية وأخبار الممالك والإمارات والملوك. ومنهم من صنف في علوم الأدب والشعر والفلسفة، وغير ذلك.
والمعجب في تلخيص أخبار المغرب, واحد من تلك المصنفات النفيسة التي عنيت بأخبار البلاد المغربية وسِيَر ملوكها وأمرائها ودويلاتها، ألفه أبو محمد، عبد الواحد بن علي المراكشي، استجابةً لطلب أحد الأعيان الرؤساء، الذي سأله إملاء أوراق تشتمل على بعض أخبار المغرب وهيئته وحدوده وأقطاره، وشيء من سير ملوكه، وخصوصًا ملوك المصامدة بني عبد المؤمن، من لدن ابتداء دولتهم، إلى حدود سنة 621هـ/ 1225م، مع نبذة من سير الذين لقيهم أو روى عنهم من الشعراء، وأهل الفضل والرواية والأدب2.
وقبل شروعه بتأليف الكتاب، اعتذر المراكشي لرئيسه عن أمور ثلاثة:
- أولها: ضعف عبارته، وغلبة العي على طباعه.
- وثانيها: عدم امتلاكه لكتاب في هذا الشأن يعتمد عليه، ويجعله مستندًا أو مرجعًا، على عادة المصنفين الذين سبقوه أو عاصروه.
- وثالثها: قلة محفوظاته وتشتتها بسبب ازدحام همومه، وكثره غمومه3.
ويشتمل هذا الكتاب على فصول كثيرة، بدأها المؤلف بالحديث عن جزيرة الأندلس وحدودها ومدنها وقراها. ثم انتقل إلي أحداث فتحها، وسير ملوكها، ومن كان فيها من الفضلاء حتى نهاية حكم الأمويين. ثم توسع بذكر أخبار الأندلس بعد زوال الحكم الأموي، وأخبار من حكمها من متغلبين، ومرابطين، وموحدين.
ويمكننا تحديد منهج المؤلف في كتابه هذا بالنقاط الآتية:
1- المراد بهذا الاسم -وفقًا لمفهوم المسلمين القدامي- بلاد المغرب العربي والأندلس.
2- المعجب في تلخيص أخبار المغرب، المراكشي:3.
3- المصدر نفسه:4.