ومن أجود ما أحفظ له بيتان قالهما في رجل نمام: من الطويل
أنم من المرآة في كل ما درى ... وأقطع بين الناس من قُضُبِ الهندِ1
كأن المنايا والزمان تعلما ... تحيله في القطع بين ذوي الودِّ!
وجد بخطه أنه ولد يوم الأربعاء بعد صلاة الصبح وقبل طلوع الشمس آخر يوم من شهر رمضان سنة 384، وتوفي -رحمه الله- في سِلخ شعبان من سنة 456.
وإنما أوردت هذه النبذة من أخبار هذا الرجل وإن كانت قاطعة للنسق, مزيحة عن بعض الغرض؛ لأنه أشهر علماء الأندلس اليوم وأكثرهم ذكرًا في مجالس الرؤساء وعلى ألسنة العلماء, وذلك لمخالفته مذهب مالك بالمغرب واستبداده بعلم الظاهر، ولم يشتهر به قبله عندنا أحد ممن علمت. وقد كثر أهل مذهبه وأتباعه عندنا بالأندلس اليوم.
1- قضب الهند: السيوف القاطعة، المصنوعة في الهند. ولاية ابن حمود الناصر*
ثم ولي علي بن حمود على ما تقدم، وتسمى بالخلافة، وتلقب بـ الناصر، ثم خالف عليه العبيد الذين كانوا بايعوه، وقدموا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر، ولقبوه بـ المرتضي، وزحفوا به إلى غَرْناطة، وهي من البلاد التي تغلب عليها البربر، ثم ندموا على تقديمه لما رأوا من صرامته وحدة نفسه، وخافوا من عواقب تمكنه وقدرته، فانهزموا عنه ودسوا عليه من قتله غِيلةً2، وخفي أمره.
وبقي علي بن حمود بقرطبة مستمر الأمر عامين غير شهرين، إلى أن قتله صقالبة له في الحمام سنة 408، وكان له من الولد: يحيي، وإدريس.
* ترجمته في: بغية الملتمس: 27؛ الأعلام: 283/4.
2- الغيلة: الاغتيال. وقتله غيلة: أي: على غفلة منه.
ولاية القاسم بن حمود المأمون **
ثم ولي بعده أخوه القاسم بن حمود، وكان أسن منه بعشرة أعوام، وكان وادعًا، أمن الناس معه، وكان يذكر عنه أنه تشيع؛ ولكنه لم يظهر ذلك ولا غيَّر على الناس عادة ولا مذهبًا، وكذلك سائر من ولي منهم بالأندلس.
فبقي القاسم كذلك إلى شهر ربيع الأول سنة 412، فقام عليه ابن أخيه
** ترجمته في بغية الملتمس: 28؛ الأعلام: 175/5.