تفصيل ما سبق إجماله ولاية محمد بن هشام بن عبد الجبار المهدي**
ثم قام محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر، على هشام بن الحكم في جمادى الآخرة -كما تقدم- فخلعه وتسمى بالمهدي، وكان يكنى أبا الوليد، أمه أم ولد اسمها: مُزْنة، وكان له ولد اسمه عبيد الله. وكان مولد المهدي في سنة 366، وقتل وله من العمر أربع وثلاثون سنة. ولم يزل واليًا إلى أن قام عليه -يوم الخميس لخمسٍ خلون من شوال سنة 399- هشام بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر مع البربر، فحاربه بقية يومه والليلة الآتية وصبيحة اليوم الثاني؛ فقام عامة أهل قرطبة مع محمد المهدي؛ فانهزم البربر وأسر هشام بن سليمان، فأُتي به إلى المهدي فضَرب عنقه.
** ترجمته في: بغية الملتمس: 22؛ جذوة المقتبس: 18؛ الأعلام: 131/7. وزارة الناصر بن أبي عامر*
ثم تقلد ما كان يتقلده من بعده، أخوه عبد الرحمن، وتلقب بـ الناصر، فخلط وتسمى ولي العهد. ولم يزل مضطرب الأمور مدة أربعة أشهر، إلى أن قام عليه محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر، لثماني عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة 399، فخلع هشامًا المؤيد، وأسلمت الجيوش عبد الرحمن بن محمد بن أبي عامر، فقُتل وصُلب.
وكان محمد بن هشام بن عبد الجبار -المتقدم ذكره- لما قام تلقب بـ المهدي، وبقي الأمر كذلك إلى أن قتل محمد بن هشام بن عبد الجبار، ورد هشام المؤيد إلى الأمر؛ وذلك يوم الأحد السابع من ذي الحجة سنة 400؛ وبقي كذلك وجيوش البربر تحاصره مع سليمان بن الحكم بن سليمان، واتصل ذلك إلى خمس خلون من شوال سنة 403؛ فدخل البربر مع سليمان قرطبة، وأخلوها من أهلها، حاشا المدينة وبعض الرَّبَض الشرقي، وقتل هشام المؤيد بن الحكم المستنصر؛ وكان -كما ذكرنا- في طول دولته متغلَّبًا عليه لا ينفذ له أمر؛ وغلب عليه في هذا الحصار -أعني حصار البربر- واحد من العبيد بعد محمد بن أبي عامر المنصور وولديه عبد الملك الظافر وعبد الرحمن الناصر.
* ترجمته في: بغية الملتمس: 356.