نام کتاب : المختصر في أخبار البشر نویسنده : أبو الفداء جلد : 2 صفحه : 105
نحو مائتي ألف إِنسان، ثم سار إِلى طرسوس، فطلب أهلها الأمان فأمنهم، وتسلم طرسوس وسار أهلها عنها في البر والبحر، وسير ملك الروم معهم من يحميهم، حتى وصلوا إِلى إنطاكية، وجعل جامع طرسوس اصطبلا، وأحرق المنبر، وعمر طرسوس حصنها وتراجع إِليها بعض أهلها وتنصر بعضهم، ثم عاد ملك الروم إِلى القسطنطينية.
مخالفة أهل إنطاكية على سيف الدولة بن حمدان
في هذه السنة أطاع أهل إنطاكية بعض المقدمين، الذين حضروا من طرسوس، وخالفوا سيف الدولة، وكان اسم المقدم الذي أطاعوه رشيقاً فسار إِلى جهة حلب، وقاتل عامل سيف الدولة قرعويه، وكان سيف الدولة بميافارقين فأرسل سيف الدولة عسكراً مع خادمه بشارة فاجتمع قرعويه العاعل بحلب مع بشارة، وقاتلا رشيق، فقتل رشيق وهرب بأصحابه، ودخلوا إنطاكية.
وفي هذه السنة قتل المتنبي الشاعر وابنه، قتلهما الأعراب وأخذوا ما معهما، واسمه أحمد بن الحسين بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الكندي، ومولده سنة ثلاث وثلاثمائة في الكوفة، بمحلة تسمى كندة، فنسب إِليها، وليس هو من كندة، التي هي قبيلة، بل هو جُعْفي القبيلة، بضم الجيم وسكون العين المهملة، ويقال إِنّ المتنبي كان سقاء بالكوفة، وفي ذلك يقول بعضهم يهجو المتنبي بأبيات منها:
أي فضل لشاعر يطلب الفض ... ل من الناس بكرة وعشيا
عاش حينا يبيع في الكوفة الما ... ء وحينا يبيع ماء المحيا
ثم قدم المتنبي إِلى الشام في صباه، واشتغل بفنون الأدب، ومهر فيها، وكان من المكثرين لنقل اللغة، والمطلعين عليها وعلى غريبها، لا يسأل عن شيء إلا واستشهد فيه بكلام العرب، حتى قيل إِن الشيخ أبا علي الفارسي صاحب كتاب الإيضاح قال له يوماً: كم لنا من الجموع على وزن فعلى، فقال المتنبي في الحال: حجلى وظربى. قال أبو علي فطالعت كتب اللغة ثلاث ليال على أن أجد لهما ثالثاً فلم أجد، وحسبك من يقول في حقه أبو علي هذه المقالة، وأما شعره فهو النهاية ورزق فيه السعادة، وإنما قيل له المتنبي لأنه ادعى النبوة في برية السماوة، وتبعه خلق كثير من بني كلب، وغيرهم، فخرج إِليه لؤلؤ نائب الإخشيدية بحمص، فأسر المتنبي وتفرق عنه أصحابه، وحبسه طويلا ثم استتابه وأطلقه، ثم التحق المتنبي بسيف الدولة بن حمدان في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، ثم فارقه واتصل بمصر سنة ست وأربعين، فمدح كافوراً الإِخشيدي، ثم هجاه وفارقه سنة خمسين وقصد عضد الدولة ببلاد فارس ومدحه، ثم رجع قاصداً الكوفة، فقتل بقرب النعمانية، وهي من الجانب الغربي من سواد بغداد عند دير العاقول، قتلته العرب، وأخذوا ما معه. وفيها توفي محمد بن حبان أبو حاتم بن أحمد بن حبان البستي صاحب التصانيف المشهورة، حبان بكسر الحاء المهملة والباء الموحدة ثم ألف
نام کتاب : المختصر في أخبار البشر نویسنده : أبو الفداء جلد : 2 صفحه : 105