نام کتاب : المختصر في أخبار البشر نویسنده : أبو الفداء جلد : 1 صفحه : 114
وسلم حتى بلغ، فكان أعظم الناس مهرة وحلماً، وأحسنهم جواباً، وأصدقهم حديثاً، وأعظمهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش، حتى صار اسمه في قومه الأمين، لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة، وحضر مع عمومته حرب الفجار وعمره أربع عشرة سنة؛ وهي حرب كانت بين قريش وكنانة وبين هوازن، وسميت بالفجار لما انتهكت فيها هوازن حرمة الحرم، وكانت الكرة في هذه الحرب أولاً على قريش وكنانة، ثم كانت على هوازن، وانتصر قريش.
سفرة رسول الله
صلى الله عليه وسلم إِلى الشام في تجارة لخديجة
كانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب تاجرة ذات شرف ومال، وكانت قريش قوماً تجاراً، فلما بلغها صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمانته، عرضت عليه الخروج في تجارتها إِلى الشام، مع غلام لها يقال له ميسرة، فأجاب إِلى ذلك وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم الشام، ومعه ميسرة، وباع ما كان معه، واشترى عوضه، ثم أقبل قافلاً إِلى مكة، ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال خديجة، وحدثها ميسرة بما شاهده من كرامات النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يشاهد ملكين يظلانه وقت الحر، فعرضت خديجة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم فتزوجها، وأصدقها عشرين بكرة، وهي أول امرأة تزوجها، ولم يتوج غيرها حتى ماتت، وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجها خمساً وعشرين سنة، وكان عمرها يومئذ أربعين سنة، وكانت أيماً ولم يترج رسول الله فَي بكراً غير عائشة، وخديجة أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقيت معه بعد مبعثه عشر سنين، وتوفيت قبل الهجرة بثلاث سنين.
تجديد قريش عمارة الكعبة
قيل لما مات إِسماعيل عليه السلام ولي البيت بعده ابنه نابت، ثم صارت ولاية البيت إِلى جرهم، قال عامر بن الحارث الجرهمي:
وكنا ولاة البيت من بعد نابت ... نطوف بذاك البيت والأمر ظاهر
ومنها:
كأن لم يكن بين الحجون إِلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر
إلى نحن كنا أهلها فأبادنا ... صروف الليالي والجدود العواثر
ثم إِن جرهماً بغت، واستحلت المحارم، فأبيدوا، وصارت ولاية البيت إِلى خزاعة، ثم صارت من بعدهم إِلى قريش، وكانت الكعبة قصيرة البناء، فأرادت قريش رفعها، فهدموها ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الحجر الأسود، فاختصموا فيه، لأن كل قبيلة أرادت أن ترفعه إِلى موضعه،
نام کتاب : المختصر في أخبار البشر نویسنده : أبو الفداء جلد : 1 صفحه : 114