responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 8  صفحه : 706
وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ أَوْلَادِ الْخُلَفَاءِ إِلَى الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، مُظْهِرًا لِلْغَضَبِ وَالِانْتِزَاحِ عَنْ بَغْدَاذَ إِنْ قَصَدَهَا السُّلْطَانُ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ دَارِهِ بَكَى النَّاسُ جَمِيعُهُمْ بُكَاءً عَظِيمًا لَمْ يُشَاهَدْ مِثْلُهُ. فَلَمَّا عَلِمَ السُّلْطَانُ ذَلِكَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَبَلَغَ مِنْهُ كُلَّ مَبْلَغٍ، فَأَرْسَلَ يَسْتَعْطِفُ الْخَلِيفَةَ، وَيَسْأَلُهُ الْعَوْدَ إِلَى دَارِهِ، فَأَعَادَ الْجَوَابَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَوْدِكَ هَذِهِ الدَّفْعَةِ، فَإِنَّ النَّاسَ هَلْكَى بِشِدَّةِ الْغَلَاءِ، وَخَرَابِ الْبِلَادِ، وَأَنَّهُ لَا يَرَى فِي دِينِهِ أَنْ يَزْدَادَ مَا بِهِمْ، وَهُوَ يُشَاهِدُهُمْ، فَإِنْ عَادَ السُّلْطَانُ، وَإِلَّا رَحَلَ هُوَ عَنِ الْعِرَاقِ لِئَلَّا يُشَاهِدَ مَا يَلْقَى النَّاسُ بِمَجِيءِ الْعَسَاكِرِ.
فَغَضِبَ السُّلْطَانُ لِقَوْلِهِ، وَرَحَلَ نَحْوَ بَغْدَاذَ، وَأَقَامَ الْخَلِيفَةُ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، فَلَمَّا حَضَرَ عِيدُ الْأَضْحَى خَطَبَ النَّاسَ، وَصَلَّى بِهِمْ، فَبَكَى النَّاسُ لِخُطْبَتِهِ، وَأَرْسَلَ عَفِيفًا الْخَادِمِ، وَهُوَ مِنْ خَوَاصِّهِ، فِي عَسْكَرٍ إِلَى وَاسِطَ لِيَمْنَعَ عَنْهَا نُوَّابَ السُّلْطَانِ، فَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ إِلَيْهِ عِمَادَ الدِّينِ زِنْكِيَّ بْنَ آقْسُنْقُرَ، وَكَانَ لَهُ حِينَئِذٍ الْبَصْرَةُ، وَقَدْ فَارَقَ الْبُرْسُقِيَّ، وَاتَّصَلَ بِالسُّلْطَانِ، فَأَقْطَعَهُ الْبَصْرَةَ.
فَلَمَّا وُصَلَ عَفِيفٌ إِلَى وَاسِطَ سَارَ إِلَيْهِ عِمَادُ الدِّينِ، فَنَزَلَ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَكَانَ عَفِيفٌ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عِمَادُ الدِّينِ يُحَذِّرُهُ الْقِتَالَ، وَيَأْمُرُهُ بِالِانْتِزَاحِ عَنْهُمْ، فَأَبَى وَلَمْ يَفْعَلْ، فَعَبَرَ إِلَيْهِ عِمَادُ الدِّينِ، وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ عَفِيفٍ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَأُسِرَ مِثْلُهُمْ، وَتَغَافَلَ عَنْ عَفِيفٍ حَتَّى نَجَا لِمَوَدَّةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا.
ثُمَّ إِنَّ الْخَلِيفَةَ جَمَعَ السُّفُنَ جَمِيعَهَا إِلَيْهِ، وَسَدَّ أَبْوَابَ دَارِ الْخِلَافَةِ سِوَى بَابِ النُّوبِيِّ، وَأَمَرَ حَاجِبَ الْبَابِ ابْنَ الصَّاحِبِ بِالْمُقَامِ فِيهِ لِحِفْظِ الدَّارِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ حَوَاشِي الْخَلِيفَةِ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ سِوَاهُ.
وَوَصَلَ السُّلْطَانُ إِلَى بَغْدَاذَ فِي الْعِشْرِينِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَنَزَلَ بِبَابِ الشَّمَّاسِيَّةِ، وَدَخَلَ بَعْضُ عَسْكَرِهِ إِلَى بَغْدَاذَ وَنَزَلُوا فِي دُورِ النَّاسِ، فَشَكَا النَّاسُ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِمْ، وَبَقِيَ فِيهَا مَنْ لَهُ دَارٌ، وَبَقِيَ السُّلْطَانُ يُرَاسِلُ الْخَلِيفَةَ بِالْعَوْدِ، وَيَطْلُبُ الصُّلْحَ، وَهُوَ يَمْتَنِعُ.
وَكَانَ يَجْرِي بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ مُنَاوَشَةٌ، وَالْعَامَّةُ مِنَ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ يَسُبُّونَ السُّلْطَانَ أَفْحَشَ سَبٍّ. ثُمَّ إِنَّ جَمَاعَةً مِنْ عَسْكَرِ السُّلْطَانِ دَخَلُوا دَارَ الْخِلَافَةِ، وَنَهَبُوا التَّاجَ،

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 8  صفحه : 706
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست