responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 8  صفحه : 704
ذِكْرُ قَتْلِ الْبُرْسُقِيِّ وَمُلْكِ ابْنِهِ عِزِّ الدِّينِ مَسْعُودٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، ثَامِنَ ذِي الْقَعْدَةِ، قُتِلَ قَسِيمُ الدَّوْلَةِ آقْسُنْقُرُ الْبُرْسُقِيُّ، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، بِمَدِينَةِ الْمَوْصِلِ، قَتَلَتْهُ الْبَاطِنِيَّةُ يَوْمَ جُمُعَةٍ بِالْجَامِعِ، وَكَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ الْعَامَّةِ، وَكَانَ قَدْ رَأَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي مَنَامِهِ أَنَّ عِدَّةً مِنَ الْكِلَابِ ثَارَتْ بِهِ، فَقَتَلَ بَعْضَهَا، وَنَالَ مِنْهُ الْبَاقِي مَا آذَاهُ، فَقَصَّ رُؤْيَاهُ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِهِ عِدَّةَ أَيَّامٍ، فَقَالَ: لَا أَتْرُكُ الْجُمُعَةَ لِشَيْءٍ أَبَدًا، فَغَلَبُوا عَلَى رَأْيِهِ، وَمَنَعُوهُ مِنْ قَصْدِ الْجُمُعَةِ، فَعَزَمَ عَلَى ذَلِكَ، فَأَخَذَ الْمُصْحَفَ يَقْرَأُ فِيهِ، فَأَوَّلَ مَا رَأَى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] ، فَرَكِبَ إِلَى الْجَامِعِ عَلَى عَادَتِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ بِضْعَةَ عَشَرَ نَفْسًا عِدَّةَ الْكِلَابِ الَّتِي رَآهَا، فَجَرَحُوهُ بِالسَّكَاكِينِ، فَجَرَحَ هُوَ بِيَدِهِ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً، وَقُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَكَانَ مَمْلُوكًا تُرْكِيًّا، خَيِّرًا، يُحِبُّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالصَّالِحِينَ، وَيَرَى الْعَدْلَ وَيَفْعَلُهُ، وَكَانَ مِنْ خَيْرِ الْوُلَاةِ يُحَافِظُ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا، وَيُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مُتَهَجِّدًا.
حَكَى لِي وَالِدِي، رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ بَعْضِ مَنْ كَانَ يَخْدُمُهُ قَالَ: كُنْتُ فَرَّاشًا مَعَهُ، فَكَانَ يُصَلِّي كُلَّ لَيْلَةٍ كَثِيرًا، وَكَانَ يَتَوَضَّأُ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَلَا يَسْتَعِينُ بِأَحَدٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ لَيَالِي الشِّتَاءِ بِالْمَوْصِلِ، وَقَدْ قَامَ مِنْ فِرَاشِهِ، وَعَلَيْهِ فَرَجِيَّةٌ صَغِيرَةٌ وَبْرٌ، وَبِيَدِهِ إِبْرِيقٌ، فَمَشَى نَحْوَ دِجْلَةَ لِيَأْخُذَ مَاءً، فَمَنَعَنِي الْبَرْدُ مِنَ الْقِيَامِ، ثُمَّ إِنَّنِي خِفْتُهُ، فَقُمْتُ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ لِآخُذَ الْإِبْرِيقَ مِنْهُ، فَمَنَعَنِي وَقَالَ: يَا مِسْكِينُ! ارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ، فَإِنَّهُ بَرْدٌ، فَاجْتَهَدْتُ لِآخُذَ الْإِبْرِيقَ، فَلَمْ يُعْطِنِي، وَرَدَّنِي إِلَى مَكَانِي ثُمَّ تَوَضَّأَ وَقَامَ يُصَلِّي.
وَلَمَّا قُتِلَ كَانَ ابْنُهُ عِزُّ الدِّينِ مَسْعُودٌ بِحَلَبَ يَحْفَظُهَا مِنَ الْفِرِنْجِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ أَبِيهِ بِالْخَبَرِ، فَسَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ وَدَخَلَهَا أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَحْسَنَ إِلَى أَصْحَابِ أَبِيهِ بِهَا، وَأَقَرَّ وَزِيرَهُ الْمُؤَيِّدَ أَبَا غَالِبِ بْنَ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَلَى وِزَارَتِهِ، وَأَطَاعَهُ الْأُمَرَاءُ وَالْأَجْنَادُ، وَانْحَدَرَ إِلَى خِدْمَةِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَأَعَادَهُ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بِلَادِ أَبِيهِ.

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 8  صفحه : 704
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست